الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله : ولو عجل الإمام فاقتص منها حاملا فعليه المأثم فإن ألقت جنينا ضمنه الإمام على عاقلته دون المقتص ( قال المزني ) رحمه الله : بل على الولي لأنه اقتص لنفسه مختارا فجنى على من لا قصاص له عليه فهو بغرم ما أتلف أولى من إمام حكم له بحقه فأخذه وما ليس له .

                                                                                                                                            قال الماوردي : إذا عجل قتل الحامل قودا ولم تمهل حتى تضع لم يخل حالها بعد القتل من أن تلقي ولدا ، أو لا تلقيه ، فإن لم تلق ولدا فلا ضمان في الحمل ، لأنه موهوم وينظر حالها ، فإن كانت أمارات الحمل ظاهرة عليها كان قاتلها آثما إذا علم [ ص: 117 ] بالأمارات ، لأنه عجل بقتل وجب تأخيره وإن لم تظهر أماراته فلا مأثم فيه ، لأن الظاهر خلوها من الحمل وإن ألقت ولدا فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون حيا يبقى بعد قتلها فلا ضمان فيه لبقاء حياته ، فإن مات بعدها روعي أمره فيما بين وضعه وموته ، فإن لم يزل فيه ضمنا يحدث به ضعف بعد ضعف ، فالظاهر من موته أنه كان بقتل أمه فيكون مضمونا بالدية ، وإن كان فيما بين وضعه وموته سليما يزداد قوة بعد قوة ثم مات ، فالظاهر من حال موته أنه عن سبب حادث بعد ولادته فلا يضمن ديته .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تضعه جنينا لا يبقى له حياة فيكون مضمونا : لأن الظاهر من إلقائه أنه كان بقتل أمه لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن حياته كانت متصلة بحياتها .

                                                                                                                                            والثاني : أنه فقد غذاءه منها وإن كان مضمونا نظر فيه ، فإن وضعته ميتا وجب فيه غرة عبد أو أمة قيمتها خمسون دينارا هي عشر دية أمه : ونصف عشر دية أبيه ، ولا فرق بين أن يكون الجنين ذكرا أو أنثى ، وإن استهل الجنين صارخا ضمن بكمال ديته ، فإن كان ذكرا ضمن بدية رجل ، وإن كان أنثى ضمن بدية امرأة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية