الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله : وفي الموضحة خمس من الإبل وهي التي تبرز العظم حتى يقرع بالمرود لأنها على الأسماء ، صغرت أو كبرت شانت أو لم تشن .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد ذكرنا أن شجاج الرأس إحدى عشرة شجة في قول الأكثرين منها ستة قبل الموضحة وأربعة بعدها ، وهي أربع عشرة شجة في قول آخرين منها ثمانية قبل الموضحة ، وخمس بعدها ، فأولها الحارصة ، ثم الدامية ، ثم الدامغة ، ثم الباضعة ، ثم المتلاحمة ، وقد يسميها أهل المدينة البازلة ، ومنهم من يجعل بين الموضحة والهاشمة شجة زائدة وهي المفرشة ، ثم المنقلة ثم المأمومة ، ثم الدامغة ، وكان ابن سريج لا يجعل بعد المأمومة شيئا ، ولا يستحق فيما قبل الموضحة وبعدها قصاص .

                                                                                                                                            فأما الدية المقدرة فلا تجب فيما قبل الموضحة ، ويجب فيها وفيما بعدها فتصير شجاج الرأس منقسمة ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : ما لا يجب فيه قصاص ولا دية مقدرة وهو ما قبل الموضحة .

                                                                                                                                            والثاني : ما يجب فيه الدية المقدرة ولا يجب فيه القصاص وهو ما بعد الموضحة .

                                                                                                                                            والثالث : ما يجب فيه القصاص ويجب فيه الدية المقدرة وهو الموضحة ، [ ص: 231 ] ودية الموضحة مقدرة بخمس من الإبل ، لرواية عمرو بن حزم أن في كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل اليمن وفي الموضحة خمس من الإبل ورواه معاذ بن جبل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لفظا سمعه منه .

                                                                                                                                            وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : في الموضحة خمس خمس وإذا كان هذا ثابتا ففي الموضحة خمس من الإبل ، سواء كانت في الرأس أو في الوجه ولا تجب فيها إذا كانت في غيرها من البدن إلا أرش على ما سنذكره ، ففرق الشافعي بين موضحة الرأس والوجه وبين موضحة الجسد ، وسوى بين موضحة الرأس والوجه في كل واحدة منهما خمس من الإبل ، وفرق سعيد بن المسيب بينهما فأوجب في موضحة الرأس خمسا من الإبل ، وفي موضحة الوجه عشرا ، وفرق مالك بينهما فأوجب في موضحة الرأس خمسا وأوجب في موضحة الأنف خمسا ، وما قدمناه من عموم الأخبار دليل عليها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية