الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وفي السمع الدية ويتغفل ويصاب به فإن أجاب عرف أنه يسمع ولم يقبل منه قوله ، وإن لم يجب عند غفلاته ولم يفزع إذا صيح به حلف لقد ذهب سمعه وأخذ الدية .

                                                                                                                                            قال الماوردي : إذا جنى عليه فأذهب سمعه إما بفعل باشر به جسده أو بإحداث صوت هائل خرق العادة حتى ذهب به السمع ، وإن لم تكن معه مباشرة فالدية في الحالين واجبة لأن الصوت الهائل وإن لم تكن معه مباشرة قد يؤثر في ذهاب السمع ما تؤثره المباشرة .

                                                                                                                                            والدليل على وجوب الدية الكاملة في ذهاب السمع رواية معاذ بن جبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : وفي السمع الدية .

                                                                                                                                            وروي أن رجلا رمى رأس رجل بحجر في زمان عمر فأذهب سمعه وعقله ولسانه وذكره ، فقضى عليه عمر بأربع ديات ، ولأن السمع من أشرف الحواس فأشبه حاسة البصر ، واختلف في أيهما أفضل : فقال قوم : حاسة البصر أفضل : لأن به تدرك الأعمال ، وقال آخرون : حاسة السمع أفضل ، لأن به يدرك الفهم ، وقد ذكرهما الله تعالى في كتابه فقرنه بذهاب البصر ، لأن بذهاب البصر فقد النظر وبذهاب السمع فقد العقل ، فقال تعالى في البصر : ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون [ يونس : 43 ] وقال في السمع : ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون [ يونس : 42 ] .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية