الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا أردت أن تعتبر كل حرف منها في بقائه وذهابه ، لم تعتبر مفردات الحروف ، لأن للحرف الواحد يجمع في الهجاء حروفا ، لكن تعتبره بكلمة يكون الحرف من جملتها إما في أولها أو في وسطها أو في آخرها ، ولو اعتبرته في الأول والوسط والأخير كان أحوط ، فإذا أردت اعتباره في أول الكلمة وكان المعتبر هو الألف أمرته أن يقول : أحمد وأسهل وأبصر وأبعد ، ليكون بعد الألف حروف متغايرة يزول بها الاشتباه ، فإن لم يسلم له الألف في هذه الأسماء والأفعال كانت ذاهبة ، وإن سلمت كانت باقية .

                                                                                                                                            وإذا أردت اعتبار الباء أمرته أن يقول : بركة وبابا وبعدا ، ثم على هذه العبرة من جميع الحروف ، فإن ثقل عليه الحرف ثم يأتي به سليما عد في السليم دون الذاهب ، وإن قلبه بلثغة صارت في لسانه عد في الذاهب دون السليم ، لأن الألثغ يبدل الحروف [ ص: 266 ] باعتبارها فصار حرف اللثغة ذاهبا ، وكذلك لو صار به أرت ، لأن ما خفي بالرتة معدودا في الذاهب دون السليم ، لأن الأرت يأتي من الكلمة بعضها ويسقط بعضها ولو صار أرد يردد الكلمة مرارا أو فأفاءا يكرر الفاء مرارا ، أو تمتاما يكرر التاء مرارا ، عد ذلك منه في السليم دون الذاهب ، لأن الحرف منه سليم ، وإن تكرر ففيه حكومة ، لأن فيه مع بقائه نقصا ، ولو كان الباقي من حروف كلامه بعد الذاهب منه لا يفهم معناه لم يضمنه الجاني ، للعلم بأن بعض الحروف لا يقوم مقام جميعها فلم يلزم إلا ضمان الذاهب منها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية