الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وفي إسكتيها وهما شفراها إذا أوعبتا ديتها والرتقاء التي لا تؤتى وغيرها سواء .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما الإسكتان وهما الشفران فهما ما غطى الفرج وانضم عليه من جانبيه كالشفتين في غطاء الفم ، والجفون في غطاء العينين ، وفيهما الدية كاملة إذا قطعا من الجانبين : لما فيهما من كمال المنفعة كالشفتين ، فإن كان القاطع لهما امرأة [ ص: 293 ] وجب عليها القصاص إن أمكن ، وقال المزني : لا قصاص مع المكنة ، لأنه قطع لحم من لحم ، وليس كذلك : لأن أحدهما في الخلقة يجري عليهما حكم المفصل في القصاص ، وسواء قطعا من بكر أو ثيب ، صغيرة أو كبيرة ، يطاق جماعها أو لا يطاق ، من رتق أو قرن ، لأن الرتق والقرن عيب في الفرج مع سلامة الإسكتين فجريا في كمال الدية مجرى شفتي الأخرس وأذني الأصم وأنف الأخشم ، ولو ضرب إسكتيها فشلا كملت ديتها ولا قصاص فيهما كاليد إذا شلت ، وهو بخلاف الأذن إذا استحشفت في أحد القولين ، لأن شللهما قد أذهب من منافعهما ما لم يذهب استحشاف الأذن ، ولو قطع إحدى الإسكتين كان فيه نصف الدية كما لو قطع إحدى الشفتين .

                                                                                                                                            فأما الركب فهو بمنزلة العانة من الرجل ، وفي قطعه من المرأة حكومة لا يبلغ بهما الدية ، فإن قطعه مع الشفرين فعليه دية في الشفرين وحكومة في الركب ، والمخفوضة وغيرها سواء ، والخفض قطع جلدة نابتة في أعلى الفرج مثل عرف الديك وهي التي ورد الشرع بأخذها من النساء كالختان في الرجال ، ولا شيء فيها إن قطعت بجناية من دية ولا حكومة لورود الشرع بأخذها تعبدا ، وإن كان يأخذها متعديا إلا أن تسري فيضمن أرش سرايتها لتعديه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية