الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولو اختلفا في استهلال المولود فادعاه الوارث وأنكره الضارب جاز أن يقبل فيه شهادة النساء المنفردات كما تقبل في الولادة ، لأنها حال لا يكاد يحضرها الرجال .

                                                                                                                                            فإن شهدن باستهلاله وحياته قضى على الضارب بديته تتحملها عنه العاقلة ، مائة من الإبل إن كان ذكرا أو خمسون من الإبل إن كان أنثى ، فلو أقام الضارب البينة أنه سقط ميتا ولم يستهل حكم ببينة الاستهلال ، لأنها تثبت ما نفاه غيرها ، وقد يجوز أن [ ص: 402 ] يقف على الاستهلال بعض الحاضرين دون بعض فغلب حكم الإثبات على النفي ، وإن عدمت البينة لم يخل حال الضارب وعاقلته عند التناكر من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن ينكر الضارب والعاقلة معا حياة الجنين ويدعوا أنه سقط ميتا وقد ادعى الوارث حياته فالقول قول الضارب وعاقلته مع أيمانهم أنه سقط ميتا : لأن الأصل براءة الذمة وأنه لم يستقر للجنين حكم الحياة ، فإذا حلفوا وجبت الغرة دون الدية .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن تعترف العاقلة بحياة الجنين وينكرها الضارب ، فتتحمل العاقلة دية كاملة ، ولا يمين على الضارب ، لأن وجوب الدية على العاقلة المعترفة بها .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يعترف الضارب بحياة الجنين وتنكرها العاقلة فلا تلزم العاقلة ما اعترف به الجاني لما قدمناه من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا وإذ كان كذلك توجهت اليمين إلى العاقلة يستحقها الضارب دون وارث الجنين لأنه يصل إلى الدية من الضارب ، وإنما سقط بإنكارهم تحملها من الضارب فلذلك كان هو المستحق لإحلاف العاقلة دون الوارث ، فإذا حلفوا وجبت عليهم الغرة ، وقيمتها خمس من الإبل هي نصف عشر دية الذكر وعشر دية الأنثى ، وتحمل الضارب باقي الدية ، فإن كان الجنين ذكرا لزمه تسعة أعشار ديته ونصف عشرها ، وهو خمسة وتسعون بعيرا وإن كان أنثى لزمه تسعة أعشار ديتها وهو خمسة وأربعون بعيرا وعلى قياس هذا ما عداه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية