مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو قال الأول : قد عرفت زيدا وليس بالذي قتل مع عبد الله . وقال الآخر : قد عرفت عبد الله وليس بالذي قتل مع زيد . ففيها قولان : أحدهما : أن يكون لكل واحد القسامة على الذي ادعى عليه ويأخذ حصته من الدية . والقول الثاني : أنه ليس لواحد منهما أن يقسم حتى تجتمع دعواهما على واحد . ( قال المزني ) : قد قطع بالقول الأول في الباب الذي قبل هذا وهو أقيس على أصله : لأن الشريكين عنده في الدم يحلفان مع السبب كالشريكين عنده في المال يحلفان مع الشاهد ، فإذا أكذب أحد الشريكين صاحبه في الحق حلف صاحبه مع الشاهد واستحق ، وكذلك إذا أكذب أحد الشريكين صاحبه في الدم حلف صاحبه مع السبب واستحق " .
قال الماوردي : وهذا القول منهما تكاذب : لأن كل واحد منهما قد نفى ما أثبته الآخر . وإذا كان كذلك لم يخل حال هذا التكاذب من أن يكون قبل القسامة أو بعدها . فإن كان قبل القسامة ، ففي إبطال اللوث به قولان على ما مضى ، وإن كان بعد القسامة والحكم بالدية لم يقدح في اللوث ولم ينقض به ما تقدم من الحكم ، ويعكس [ ص: 46 ] هذا لو قال كل واحد منهما : قد عرفت الآخر ، وهو الذي قد عرفه أخي لجهلي به من قبل ومعرفتي له من بعد ، صار ذلك اتفاقا منهما على القاتلين : لأنه قد تعرف من جهل فجاز لهما أن يشتركا في القسامة عليهما ، ويأخذا من كل واحد منهما نصف الدية بينهما .