الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            فأما المقتول المضمون : فكل من ضمنت نفسه بالقصاص من صغير وكبير ذكر وأنثى ومسلم وكافر وحر وعبد ، وجبت الكفارة بقتله . وقال مالك : لا تجب الكفارة إلا بقتل الحر المسلم ، ولا تجب بقتل عبد ولا كافر . وقال أبو حنيفة : تجب بقتل العبد ولا تجب بقتل الكافر : احتجاجا بقول الله تعالى : ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله [ النساء : 92 ] ، فجعل الإيمان شرطا في وجوب الكفارة ، فلم تجب مع عدم الشرط ، ولأن الكفارة مختصة بأغلظ الحرمات ، وكذلك وجبت في النفس دون الأطراف . وأطراف المسلم أغلظ من نفس الكافر فكانت أولى بسقوط الكفارة . ودليلنا : قوله تعالى : وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة [ النساء : 92 ] ، فأوجب الله تعالى الدية مع الكفارة في قتل المعاهد ، كما أوجبها في قتل المؤمن ، فكان أول الآية في المسلم وآخرها في الكافر : ولأنها نفس مضمونة بالدية ، فوجب أن تضمن بالكفارة كالمسلم . وما ادعاه من ضعف حرمته فراجع عليه في التسوية بينه وبين المسلم في وجوب القصاص . ثم يقال : قد أثبتت الذمة له حرمة فلا يسوى بينه وبين من عدمها في سقوط الكفارة ، كما لم يسو بينهما في سقوط الدية .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية