الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            وإذا ارتد المحصن لم يرتفع إحصانه في الردة ، ولا إذا أسلم ، وكان حده الرجم إن زنا . وقال أبو حنيفة : قد ارتفع إحصانه بردته ، ولا يعود إلى الإحصان بإسلامه حتى يطأ بعد الإسلام في نكاح صحيح . فجعل استدامة الإسلام شرطا في بقاء الحصانة ، كما جعله شرطا في أصل الحصانة : احتجاجا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أشرك بالله فليس بمحصن " ولأنه أسلم بعد كفر ، فوجب أن يستأنف شرائط الحصانة فيه ، كالكافر الأصلي ، ولأنه مبني له على أصله في اشتراك الإسلام في إحصانه .

                                                                                                                                            ودليلنا : قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنـا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس وهذا زنـا بعد إحصان ، فوجب أن يستحق به القتل .

                                                                                                                                            وكان تحرير الاستدلال من هذا الخبر قياسا فنقول : لأنه زنـا بعد إحصان فوجب أن يكون حده الرجم كالذي لم يرتد ، ولأنه إحصان ثبت في الإسلام قبل الردة فوجب أن يكون ثابتا في الإسلام بعد الردة ، قياسا على حصانة القذف .

                                                                                                                                            فأما استدلاله بالخبر فلا يتوجه إلى المسلم بعد الردة : لأنه ليس بمشرك فسقط .

                                                                                                                                            وأما قياسه على الكافر الأصلي فغير مسلم في أصله : لأن الكافر يكون عندنا محصنا قبل إسلامه ، وهو مخالف في بنائه على أصله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية