الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            والأصل في حرز الثمار ما روي أن رجلا من مزينة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 290 ] الثمر المعلق ، فقال صلى الله عليه وسلم : ليس فيه قطع إلا ما آواه الجرين ، وبلغ ثمن المجن ، ففيه القطع . وما لم يبلغ ثمن المجن ، ففيه غرامة مثله ، وجلد ، ثم نكال وهذا خارج على عرف الحجاز ، وله تفصيل يعم ، وللثمار حالتان :

                                                                                                                                            إحداهما : أن يكون على رءوس نخلها وشجرها ، فتكون حرزها بأحد أمرين :

                                                                                                                                            إما أن يكون فيها حافظ ينظر إلى جميعها ، فيصير به محرزا يقطع سارقها .

                                                                                                                                            وإما أن يكون عليها حظائر تغلق ، أو باب مغلق فتصير به محرزة ، فإن كانت غير محظورة ولا محفوظة فلا قطع على سارقها ، وهو الأغلب من ثمار الحجاز ، وإليه توجه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن تكون قد صرمت من نخلها ، وقطعت من شجرها ، ووضعت في جرينها وبيدرها ، إما للبيع وإما للتجفيف واليبس ، فالجرين للثمرة كالمراح للماشية ، فإن كانت على سطوح أهلها أو في مساكنهم وأفنيتهم ، فهي محرزة بقطع سارقها . وإن كانت في بساتينهم وضياعهم ، فإن كان الموضع أنيسا لاتصال البساتين وانتشار أهلها لم يحتج إلى حافظ بالنهار ، واحتاجت إلى حافظ بالليل ، فإن سرقت نهارا قطع سارقها ، وإن سرقت ليلا قطع إن كان لها حافظ له ، ولم يقطع إن لم يكن لها حافظ ، وإن كان الموضع غير أنيس احتاجت إلى حافظ بالليل والنهار فيقطع سارقها ، وإن لم يكن لها حافظ لم يقطع .

                                                                                                                                            فأما إذا سرقت الأشجار وفسيل النخل ، فإن كانت مما يقطع سارق ثمارها قطع سارق أشجارها ، وإن كانت مما لا يقطع في ثمارها لم يقطع من أشجارها . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية