[ ص: 319 ] باب قطع اليد والرجل في السرقة
مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " أخبرنا بعض أصحابنا ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في السارق : واحتج بأن إن سرق فاقطعوا يده ، ثم إن سرق فاقطعوا رجله أبا بكر الصديق رضي الله عنه قطع يد السارق اليسرى ، وقد كان أقطع اليد والرجل . ( قال الشافعي ) رحمه الله : فإذا سرق قطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحسمت بالنار .
قال الماوردي : أما قطع يد السارق فهو نص الكتاب والسنة ، وما جرى عليه العمل المستحق من قطع يده اليمنى : لرواية النخعي أن ابن مسعود كان يقرأ " والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم " وهذه القراءة وإن شذت فهي جارية مجرى خبر الواحد ، في وجوب العمل بها .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا سرق السارق فاقطعوا يمينه .
وروي أن الخلفاء الأربعة رضوان الله عليهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قطعوا يمين السارق : ولأنه يتناول السرقة في الأغلب بيمينه ، فصارت بالقطع أخص ، ويستوي فيه الأيسر من الناس وغير الأيسر ، فإذا ثبت قطع يمينه فقد اختلف في حد قطعهما ، فذهب الخوارج إلى أنها تقطع من المنكب استيعابا لما ينطلق عليه اسم اليد ، وحكي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه تقطع أصابع كفه ، وهي رواية شاذة .
وذهب جمهور الفقهاء إلى قطعها من مفصل الكف : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع سارق رداء صفوان من كفه ، ولأن الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم عليه عملوا ، وهو نقل موروث إلى عندنا ، ولأن دية اليد تكمل في قطعها من الكوع ، وفي الزيادة حكومة .
[ ص: 320 ]