[ ص: 411 ] باب عدد حد الخمر ومن يموت من ضرب الإمام وخطأ السلطان
قال الشافعي رحمه الله : " أخبرنا الثقة ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن أزهر ، قال : أبو بكر سأل من حضر ذلك الضرب فقومه أربعين . فضرب أبو بكر في الخمر أربعين حياته ، ثم عمر ، ثم تتابع الناس في الخمر ، فاستشار فضرب ثمانين . وروي أن أتي النبي صلى الله عليه وسلم بشارب ، فقال : اضربوه . فضربوه بالأيدي والنعال وأطراف الثياب ، وحثوا عليه التراب . ثم قال : نكبوه . فنكبوه ثم أرسله . قال : فلما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشار ، فقال علي : نرى أن يجلد ثمانين : لأنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، أو كما قال : فجلده عمر ثمانين في الخمر . وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : ليس أحد نقيم عليه حدا فيموت ، فأجد في نفسي شيئا الحق قتله ، إلا حد الخمر فإنه شيء رأيناه بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن مات منه فديته ، إما قال في بيت المال ، وإما قال على عاقلة الإمام " الشك من الشافعي " " .
قال الماوردي : قد ذكرنا ، سكر الشارب منه أو لم يسكر . وجوب الحد في شرب الخمر وشرب كل مسكر
فأما صفة الحد فأصله : ما رواه الشافعي بإسناده ، عن عبد الرحمن بن أزهر ، قال : خالد بن الوليد ، فجريت بين يديه أسأل عن رحل خالد حتى أتاه ، وقد خرج فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بشارب فقال : اضربوه . فضربوه بالأيدي والنعال وأطراف الثياب ، وحثوا عليه التراب . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نكبوه . فنكبوه ثم أرسله . قال : فلما كان أبو بكر سأل من حضر ذلك الضرب فقومه أربعين .
فضرب أبو بكر في الخمر أربعين حياته ، ثم عمر رضي الله عنه ، ثم تتابع الناس في الخمر ، فاستشار فضرب ثمانين . وروي أن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن رحل عمر لما استشار الصحابة في حد الخمر [ ص: 412 ] فقال علي بن أبي طالب : إنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وحد المفتري ثمانون .
وقال عبد الرحمن بن عوف : أخف الحدود ثمانون ، فأخذ بها عمر ، وجلد في بقية أيامه ثمانين . وجلد عثمان في أيامه أربعين وثمانين . وجلد علي ثمانين . فروى سفيان ، عن أبي حصين ، عن عمير بن سعيد ، عن علي ، قال : ما كنت لأقيم حدا على إنسان فيموت صاحبه فأجد في نفسي منه شيئا ، إلا الخمر ، فإني كنت أديه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه ، فكان عمر أول من حد في الخمر ثمانين . وأول من حده عمر في الخمر ثمانين قدامة بن مظعون الجمحي ، ثم حد عمر بعده عمرو بن أمية الضمري في الخمر ثمانين .
وحد عثمان بن عفان الوليد بن عقبة في الخمر ، وقد صلى بالناس بالكوفة ، فقال : أزيدكم . فاختلف في مقدار حده ، فروى عنه قوم أنه حده أربعين .
وروى آخرون : أنه حده ثمانين . وحد علي بن أبي طالب النجاشي الحادي بالكوفة ، وقد شرب الخمر في رمضان فحده ثمانين ، ثم عشرين . فقال النجاشي : أما الثمانون قد عرفتها فما هذه العلاوة ؟ فقال : على تجرئك على الله في شهر رمضان .