فصل :
وإذا ، قبلت توبته ولو ارتد مائة مرة ، وهو قول الجماعة . ارتد المسلم ثم تاب ، ثم ارتد ثم تاب ، وكثر ذلك منه
وقال إسحاق بن راهويه : لا أقبل توبته في الثالثة : لقول الله تعالى : إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم [ النساء : 137 ] وقوله : ثم ازدادوا كفرا [ النساء : 137 ] يريد به الكفر الثالث .
ودليلنا : قوله تعالى : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف [ الأنفال : 38 ] فكان على عمومه .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ولأنه مأمور بالإسلام وإن تكرر منه الكفر ، فوجب أن يقبل منه ما أقر به كقبوله من غيره . فأما الآية فهي فيمن أراد كفرا ولم يحدث إيمانا ، فلم يكن فيها دليل ، فإذا ثبت أن إسلامه مقبول وإن تكررت ردته فإنه يعزر بعد الردة الثانية ، وما يليها من كل ردة ولا يحبس . [ ص: 450 ] وقال الإسلام يجب ما قبله أبو حنيفة : لا أعزره في الثانية وأحبسه في الثالثة وما بعدها . وهذا الذي قاله لا وجه له : لأن الحبس لا يكفه عن الردة ، فلم يكن له تأثير ، وهو في الثانية متهاون بالدين كهو في الثالثة ، فاقتضى التعزير فيها كما يعزر في الثالثة . والله أعلم .