الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت هذا لم يخل حال الأبوين من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكونا مسلمين فعليه أن يستأذنهما ولهما في الإذن ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يأذنا له معا فله الجهاد ، فإن رجعا عن الإذن رد عليهما ما لم يلتق الزحفان .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يمتنعا من الإذن فيمنع من الجهاد فإن أذنا بعد المنع سقط حكم المنع .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يأذن له أحدهما ويمنعه الآخر فيغلب حكم المنع على الإذن [ ص: 124 ] سواء كان المانع أبا أو أما لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا توله والدة على ولدها .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يكونا كافرين فلا يلزمه أن يستأذنهما ، فإن أسلما بعد كفرهما لزمه استئذانهما إن قدر عليه ما لم يلتق الزحفان ، وهكذا لو كان الأبوان منافقين لم يلزمه استئذانهما ، فإن تابا من النفاق استأذنهما قبل التقاء الزحفين .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون أحدهما مسلما والآخر مشركا أو منافقا فيلزمه استئذان المسلم منهما دون المشرك والمنافق .

                                                                                                                                            فإن قيل : فهلا كان شرك الأبوين كشرك صاحب الدين ، في أن يلزم استئذان الأبوين مع شركهما كما يلزم استئذان صاحب الدين ، أو لا يلزم استئذان صاحب الدين إذا كان مشركا كما لا يلزم استئذان الأبوين .

                                                                                                                                            قيل : الفرق بينهما أن الاستئذان في الدين لحفظه على مستحقه : فاستوى فيه المسلم والمشرك ، واستئذان الأبوين لأجل التدين ، فافترق فيه المسلم والمشرك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية