الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والقسم الرابع : أن يغزو معه المشركون بغير إجارة ولا جعالة ، فهذا على ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكرههم الإمام فيخرجوا معهم مكرهين ، فيستحقوا عليه بالإكراه أجور أمثالهم من غير سهم ولا رضخ لاستهلاك عملهم عليهم ، كما لو استكرههم في حمولة أو بناء : وسواء كانوا أهل ذمة أو معاهدين ، وليس يراعى في هذا الإكراه الضرب والحبس المراعى في الإكراه على الطلاق والعتاق ، وإنما يراعى أن لا يفسح لهم في التأخر ، ويجبرهم على الخروج : لأنهم بالذمة والعهد في قبضته ، وتحت حجره ، فلم يحتج مع القول إلى غيره .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يأذن لهم فيخرجوا معه مختارين : فلا أجرة لهم ، ويستحقوا بالحضور رضخا ، ولا يستحقوا به سهما : لأن المشرك لا يسهم له ، ويستحقه بالحضور من قاتل ، ومن لم يقاتل ، لكن يفضل رضخ من قاتل على من لم يقاتل ، كالمسلم فمن كان منهم راجلا لم يبلغ برضخه سهم فارس ولا راجل ، ومن كان منهم فارسا لم يبلغ برضخه سهم فارس ، وفي جواز أن يبلغ به سهم راجل وجهان :

                                                                                                                                            [ ص: 137 ] أحدهما : لا يجوز : لأنه لا يساوي به مسلما وهذا قول أبي علي بن أبي هريرة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو عندي أظهر ، أنه يجوز أن يبلغ به سهم راجل : لأن الرضخ مشترك بينه وبين فرسه ، وإن ملكها فصار في رضخ نفسه مقصرا عن سهم الراجل .

                                                                                                                                            والضرب الثالث : أن يبتدئوا بالخروج متبرعين من غير إكراه ولا إذن ، فلا أجرة لهم ، ولا سهم ، فأما الرضخ ، فإن قاتلوا رضخ لهم ، وإن لم يقاتلوا لم يرضخ لهم : بخلاف ما تقدم في المأذون لهم : لأن الإذن استعانة : فقوبلوا عليها بالرضخ وحضورهم مع عدم الإذن ، فلم يقابلوا عليه بالرضخ إلا على عمل خالفوا فيه المسلم : لأنه من أهل الدفع بخلاف المشرك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية