فصل : فإذا ثبت ما ذكرنا : لم يخل حال نخلهم وشجرهم في محاربتهم من أربعة أقسام
أحدها : أن نعلم أن لا نصل إلى الظفر بهم إلا بقطعها ، فقطعها واجب : لأن ما أدى إلى الظفر بهم واجب .
والقسم الثاني : أن تقدر على الظفر بهم وبها من غير قطعها ، فقطعها محظور : لأنها مغنم ، واستهلاك الغنائم محظور ، وعلى هذا حمل نهي أبي بكر - رضي الله عنه - عن قطع الشجر بالشام .
والقسم الثالث : أن لا ينفعهم قطعها ، وينفعنا قطعها ، فقطعها مباح وليس بواجب .
والقسم الرابع : لا ينفعهم قطعها ، ولا ينفعنا قطعها ، فقطعها مكروه ، وليس بمحظور ، وكذلك الحكم في هدم منازلهم عليهم ، على هذه الأقسام قال الله تعالى : يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين [ الحشر : 2 ] . وفيه ثلاث تأويلات :
أحدها : بأيديهم في نقض الموادعة ، وأيدي المؤمنين بالمقابلة ، وهذا قول الزهري .
والثاني : بأيديهم في إخراب دواخلها ، حتى لا يأخذها المسلمون منهم ، وبأيدي المؤمنين في إخراب ظواهرها ، حتى يصلوا إليها ، وهذا قول عكرمة .
والثالث : بأيديهم في تركها ، وبأيدي المؤمنين بإجلائهم عنها ، وهذا قول أبي عمرو بن العلاء .