مسألة : قال الشافعي : " ولو فعليه أن يصوم كل اثنين يستقبله ، إلا أن يكون يوم فطر أو أضحى أو تشريق ، فلا يصومه ولا يقضيه ، وقال في كتاب الصوم : عليه القضاء ( قال نذر أن يصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا ، فقدم يوم الاثنين المزني ) - رحمه الله - : لا قضاء أشبه بقوله لأنها ليست بوقت لصوم عنده لفرض ولا لغيره ، وإن نذر صومها نذر معصية ، وكذلك لا يقضي نذر معصية " .
قال الماوردي : إذا عقد نذره على صيام اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا ، فقدم يوم الاثنين كان نذره في الأثانين المستقبلة منعقدا ، لإمكان صيامها وفي انعقاده في الاثنين الذي قدم فيه فلان قولان ، على ما قدمناهما فيصير صوم الاثنين مستحقا بنذره ، فإن منعه عن صيامه في النذر عذر ، فالأعذار المانعة منه خمسة :
أحدها : فرض رمضان ، لأن فيه من الاثنين ما قد استحق صيامه عن فرضه ، فخرج عن جملة نذره ، فيلزمه صيام اثنين رمضان عن رمضان ، ولا يجوز له أن يصومها عن نذره ولا يلزمه قضاؤها عن النذر ، لاستثنائها بالشرع مع إحاطة العلم بوجودها فيه ، فإن صامها عن نذره لم يكن نذرا ، ولا فرضا ، ولزمه قضاؤها عن الفرض دون النذر .
والعذر الثاني : أن يصادف بعض الأثانين ما يحرم صيامه من العيدين ، وأيام التشريق فلا يجوز له صيامه ، عن النذر كما لم يجز أن يصومه عن غير النذر ، وفي وجوب قضائه عن نذره قولان :
أحدهما : وهو الأظهر المنصوص عليه في النذور ، واختاره المزني ، أنه لا يلزمه قضاؤه لأمرين :
[ ص: 499 ] أحدهما : لأن الشرع قد استثناه فصار كاثنين رمضان .
والثاني : لأنه صادف أيام التحريم فصار نذر معصية .
والقول الثاني : نص عليه في كتاب الصيام أن عليه قضاءه ؛ لأن نذره قد انعقد على طاعة ، وقد كان يجوز أن لا يصادف أيام التحريم ، فلزم قضاؤه لانعقاد النذر ، وفارق أثانين رمضان التي لا ينفك منها .
والعذر الثالث : المرض المانع من صيامه بالعجز ، فعليه القضاء ، لأن ما وجب بالنذر معتبر بما وجب بالشرع ، فلما لم يسقط بالمرض قضاء ما وجب من رمضان ، لم يسقط به قضاء ما وجب بالنذر .
والعذر الرابع : الجنون الطارئ عليه ، فيسقط به قضاء النذر كما يسقط به قضاء الفرض .
والعذر الخامس : الإغماء فلا يسقط قضاء النذر به ، كما لا يسقط به قضاء الفرض .