القول في : شهادة جاحد فروع الدين
فصل : وأما الفروع : فأصولها كالأصول ، فما علم قطعا من دين الرسول صلى الله عليه وسلم بإجماع الخاصة والعامة عليه ، كوجوب الصلاة وأعدادها ، واستقبال الكعبة بها ، ووجوب الزكاة بعد حولها ، وفرض الصيام والحج وزمانهما ، وتحريم الزنى والربا والقتل والسرقة .
فإن جحد وجوب أحدها ، أو اعتقد في الصلاة نقصانا منها ، أو زيادة عليها ، أو غير الصيام والحج عن زمانهما من تقديم أو تأخير ، أو زاد في القرآن أو نقص منه بعد انعقاد الإجماع عليه ، فهو كافر . لأنه جحد بهذا الخلاف ما هو مقطوع به من دين الرسول صلى الله عليه وسلم ، فصار كالجاحد لصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلا تثبت له عدالة ولا تصح له ولاية ، ولا تقبل له شهادة .
[ ص: 171 ] فصل : وأما الفروع التي ليست بأصول ، فالخلاف فيها على ضربين :
أحدهما : في الأداء .
والثاني : في الأحكام .
فأما الخلاف في الأداء المنتحلة ، فهو على ثلاثة أضرب :
أحدها : ما اعتقد به تكفير مخالفه واستباحة ماله ودمه ، كمن يرى من الخوارج بموالاتهم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما تكفير جميع الأمة ، وكالغلاة يرون بمعتقدهم في علي بن أبي طالب عليه السلام ، تكفير جميع الأمة .
يرى الفريقان : بهذا المعتقد أن دار الإسلام دار إباحة في قتل رجالها وسبي ذراريها ، وغنيمة أموالها ، فيحكم بكفر من هذا اعتقاده من الفريقين لأمرين :
أحدهما : لتكفيرهم السواد الأعظم المفضي إلى تعطيل الإسلام ودروسه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " " . تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، منها واحدة ناجية ، قيل : وما هي ؟ قال : السواد الأعظم
والثاني : استباحتهم لدار حرم الشرع نفوس أهلها وأموالهم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " منعت دار الإسلام وما فيها وأباحت دار الشرك وما فيها " .
وقال يوم النحر كلاما شهده الجم الغفير : " " . ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في سفركم هذا في بلدكم هذا
فكانوا أبعد الناس من العدالة وأولاهم برد الشهادة .