الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا دعي المتحمل للشهادة ، إلى أدائها عند الحاكم وهو ممن يصح منه الأداء ، فامتنع وقال : إني أخاف أن لا يقبل الحاكم شهادتي ، لم يكن ذلك عذرا في امتناعه ، ولزمه الأداء وللحاكم اجتهاده في القبول أو الرد .

                                                                                                                                            ولو امتنع عن الأداء وقال : ليس الحاكم عندي مستحقا للحكم ، إما لفسق أو جهل ، لزمه الأداء ، وليس للشاهد اجتهاد في صحة التقليد وفساده .

                                                                                                                                            وقال أحمد بن حنبل : لا يلزمه أداء الشهادة إذا اعتقد فساد تقليده بفسق أو جهل ، وإنما تلزمه الشهادة عند من يرتضي من الحكام ، كما يلزم الحاكم قبول شهادة من يرتضي من الشهود .

                                                                                                                                            [ ص: 215 ] وحكي أن أحمد لزمته شهادة ، فدعي إلى أدائها عند بعض الحكام ، فامتنع .

                                                                                                                                            وقال : إن القاضي ليس برضى ، فقال الداعي : يتلف علي مالي .

                                                                                                                                            فقال أحمد : ما أتلفت عليك مالك ، الذي ولى هذا القاضي أتلف عليك مالك .

                                                                                                                                            وليس لهذا القول وجه : لأن المقصود بالشهادة وصول ذي الحق إلى حقه ، فلم يفترق في وصوله إليه حقه بين صحة التقليد وفساده .

                                                                                                                                            فإن دعي الشاهد إلى أداء شهادة عند أمير أو ذي يد ، فإن كان ممن يجوز له إلزام الحقوق والإجبار عليها ، لزم أداء الشهادة عنده ، وإن كان ممن لا يجوز له ذلك ، ولا يصح منه ، لم يلزمه أداؤها عنده والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية