الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذ قد ذكرنا دلائل من أثبت الغرم ونفاه ، فالذي أراه أولى من إطلاق هذين المذهبين أن الشهادة بهذا الطلاق الكاذب يوجب تحريمها في الظاهر دون الباطن ، ويجوز لهما الاجتماع بعدها فيما بينهما وبين الله تعالى ، على أصل مذهبنا في أن حكم الحاكم في الظاهر لا يحيل الأمور عما هي عليه في الباطن ، وإن خالفنا أبو حنيفة . [ ص: 263 ] فاقتضى من مذهبنا أن ينظر في حال الزوج ، فإن وصل إلى الاستمتاع بزوجته بمساعدتها له على ما أباحها الله تعالى في الباطن ، فلا رجوع للزوج بمهرها على الشهود إذا رجعوا ، لئلا يجمع بين الاستباحة والرجوع بالمهر .

                                                                                                                                            وإن لم يصل إلى الاستمتاع بها ، لامتناعها عليه تمسكا بظاهر التحريم ، رجع على الشهود بمهرها لتفويتهم عليه بضعها .

                                                                                                                                            ويتفرع على هذا أن يشهد شاهدان على رجل بقذف امرأته بالزنا فيلاعن الحاكم بينهما ، ثم يرجع الشاهدان ، واللعان في الظاهر على نفاذه في وقوع الفرقة وتحريم الأبد ، فأما نفوذه في الباطن فمعتبر بحال الزوج ، فإنه أمن حد القذف حين لاعن باختياره ، فلا رجوع له على الشهود لوقوع الفرقة بلعانه "

                                                                                                                                            وإن خاف من حد القذف ، لم تقع الفرقة في الباطن ولا رجوع له على الشهود إن أمكنته من نفسها ، ويرجع عليهم إن منعته والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية