الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا ثبت الرجوع على الشهود بغرم الدين ، لم يخل رجوعهم من أن يكون من جميعهم أو بعضهم .

                                                                                                                                            فإن رجعوا جميعا وكانوا شاهدين كان على كل واحد منهما نصف الدين ، ولو كانوا شاهدا وامرأتين ، كان على الرجل نصف الدين ، لأنه نصف البينة ، وكان على كل واحدة من المرأتين ربع الدين لأنها ربع البينة .

                                                                                                                                            ولو كان الشهود ثلاثة رجال ، كان على كل واحد منهم ثلث الدين ، لأنه ثلث البينة ولو كانوا عشرة كان على كل واحد منهم عشر الدين ، لأنه عشر البينة .

                                                                                                                                            ولو كانوا رجلا وعشر نسوة كان على الرجل سدس الدين وعلى كل واحدة من النسوة نصف سدس الدين ، وبه قال أبو حنيفة

                                                                                                                                            وقال أبو يوسف ومحمد : على الرجل نصف الدين ، لأنه نصف البينة وعلى كل واحدة من النساء نصف عشر ، لأنها نصف عشر البينة وبه قال أبو العباس بن سريج ، وهذا خطأ ، لأن كل امرأتين تقومان مقام الرجل ، فصار النساء العشر كخمسة رجال ، فإذا اقترن بهم رجل صاروا معه كستة رجال ، يلزم كل واحد منهم سدس الدين ، فاقتضى أن يلزم الرجل سدس الدين ويلزم كل امرأتين سدسه ، فتختص كل واحدة بنصفه .

                                                                                                                                            وإن رجع بعض الشهود دون جميعهم ، فعلى ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدهما : أن لا يزيدوا على عدد البينة ، ويكونوا رجلين فيرجع أحدهما ، فعليه نصف الدين ، لأنه نصف البينة ، وإن كانوا رجلا وامرأتين ولو رجعت واحدة من المرأتين ، فعليها ربع الدين ، لأنها ربع البينة .

                                                                                                                                            [ ص: 269 ] والضرب الثاني : أن لا يزيدوا على عدد البينة ، ويرجع من زاد عليها كأربعة رجال يرجع منهم اثنان ، ففي الرجوع على الراجعين وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج : لا رجوع عليهما لكمال البينة بغيرهما .

                                                                                                                                            والوجه الثاني " وهو قول المزني حكاه عنه أصحابه : يرجع عليهما ، لأن الحق لم يتعين بشهادة غيرهما فلزمهما نصف الدين ، لأنهما نصف البينة .

                                                                                                                                            فلو شهدت مع الأربعة امرأة واحدة ثم رجعت المرأة من الرجلين فلا شيء على المرأة ، لأنها إذا انفردت لم تدخل في جملة البينة .

                                                                                                                                            والضرب الثالث : أن يزيدوا على عدد البينة ويرجع الزائد على البينة وبعض البينة كالثلاثة إذا رجع منهم اثنان وجب الرجوع عليهما وفي قدره وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يرجع عليهما بنصف الدين ، لأنه قد بقي نصف البينة وهذا على الوجه الذي يسقط الرجوع عليهم إذا بقي بعدهم عدد البينة ، وهو قول أبي العباس بن سريج .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن يرجع عليهما بثلثي الدين ، لأنهما ثلثا البينة ، وهذا على الوجه الذي يوجب الرجوع عليهم إذا بقي بعدهم عدد البينة ، وهو قول أبي إبراهيم المزني .

                                                                                                                                            فلو كانوا رجلين وامرأتين ، فرجع منهم رجل وامرأة ، ففي قدر الرجوع عليهم وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يرجع عليهما بربع الدين ، لأنه قد بقي بالرجل والمرأة ثلاثة أرباع البينة ، ويتحمل الرجل من الربع ثلثيه وهو سدس الدين وتتحمل المرأة ثلثه وهو نصف السدس من الدين ، وهو قياس ابن سريج .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن يرجع عليها بنصف الدين ، لأنهما نصف البينة ، فيتحمل الرجل ثلثي النصف وهو ثلث الدين ، وتتحمل المرأة ثلثه . وهو سدس الدين ، وهو قياس قول المزني .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية