الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا هلك مجهول الدين ، وترك أبوين كافرين ، وابنين مسلمين ، فادعى أبواه أنه مات كافرا ، وادعى الابنان أنه مات مسلما ولا بينة لأحدهما ، ففيه وجهان حكاهما ابن سريج :

                                                                                                                                            أحدهما : أن القول فيه قول الأبوين الكافرين مع أيمانهما لأن كفره قبل بلوغه معلوم بكفرهما ، فلم يقبل دعوى الابنين في حدوث إسلامه ، لأن الأصل استصحاب كفره .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يكون ميراثه موقوفا لتساوي الحالين بعد بلوغه في إسلامه ، وكفره ، لأن ما قبل بلوغه هو فيه تبع لا يتحقق إلا بعد بلوغه ، لو كان أبواه مسلمين ، وابناه كافرين .

                                                                                                                                            فإن لم يعلم للأبوين كفر قبل الإسلام ، حكم بإسلام ولديهما ، ولا يمين عليهما ، وكانا أحق بميراثه من ابنيه ، وإن علم كفر الأبوين قبل الإسلام ، فيجوز أن يولد قبل إسلامهما فيجري عليه حكم الكفر قبل البلوغ ، ويجوز أن يولد بعد إسلامهما فيكون مسلما قبل البلوغ فهما على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون النزاع في زمان ولادته ، فيدعي والداه أنه ولد بعد إسلامهما ، ويدعي ابناه أنه ولد قبل إسلامهما ، فالقول فيه قول الأبوين مع أيمانهما في إسلامه ، لأننا على يقين من حدوث ولادتهم ، وفي شك من تقدمها .

                                                                                                                                            وإن كان النزاع في إسلام الأبوين ، فيدعي أبواه أنهما أسلما قبل ولادته ، ويدعي ابناه أنهما أسلما بعد ولادته ، فالقول قول الابنين في إسلام الأبوين بعد الولادة مع أيمانهما لأننا على يقين من حدوث إسلامهما وفي شك من تقدمه .

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أقام رجل بينة أن أباه هلك وترك هذه الدار ميراثا له ولأخيه ، أخرجتها من يدي من هي في يديه ، وأعطيته منها نصيبه ، وأخرجت نصيب الغائب ، وأكري له حتى يحضر .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها في رجل ادعى دارا في يد رجل أنها لأبيه مات عنها وورثها هو وأخوه ، وأقام على ذلك بينة كاملة ، وكمالها أن يشهد له بثلاثة أشياء : أحدها : أن يشهد بالدار لأبيه .

                                                                                                                                            والثاني : أن يشهد بموت أبيه ، وأنه ورثه هو وأخوه .

                                                                                                                                            [ ص: 340 ] والثالث : أن لا وارث له غيرهما على ما سنصف ، فتكمل البينة إذا شهدت بهذه الثلاثة ، وبكمالها يوجب انتزاع الدار ممن هي في يده ، ويدفع إلى الحاضر حقه منهما وهو النصف وتوقف حصة الغائب ، وهي النصف على قدومه ، واعترافه وتؤخر حصته حفظا لمنافعها عليه ، ولا تقر حصة الغائب في يدي من كانت في يديه ، وهو قول أبي يوسف ومحمد .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : تقر حصته في يدي من كانت في يده ، ولا تنتزع منه ، لأن البينة لا تسمع بملك إلا بعد صحة الدعوى ، والدعوى لا تسمع إلا من مالك ، أو وكيل فيه ، ولم يدع حصة الغائب مالك ولا وكيل فلم تسمع البينة له ، وليس كون الحاضر شريكا له في الميراث بموجب لسماع البينة في حقهما ، كالشريكين الأجنبيين ، إذا أقام أحدهما البينة بدار في شركتها انتزع بها حق الحاضر ، وأقر حق الغائب في يدي من كانت في يديه ، كذلك يجب أن يكون في شركة الميراث .

                                                                                                                                            ودليلنا : هو أن هذه الدعوى هي للميت ، سمعت من وارثه ، لقيامه مقامه فيها بعد موته بدليل أنه لو كان على أبيه دين قضى منها فوجب انتزاعها في حق الميت ، وإعطاء الحاضر حصته منها ، ووقف الباقي على الغائب ، وخالف الشريكين الأجنبيين من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن الشريك مالك بنفسه لا عن غيره ، فكانت الدعوى في حقه موقوفة عليه ، والابن مدع لها عن أبيه الذي لا تصح منه الدعوى ، إلا بعد موته ، فجاز أن يستوفي بها جميع حقه .

                                                                                                                                            والثاني : أن حق كل واحد من الأخوين ، مرتبط بحق الآخر لا يتميز أحدهما بشيء ، دون صاحبه ، لذلك كان ما تلف من الشركة تالفا منها ، وما بقي شركة بينهما ، وحق الشريكين كالمتميز مع الخلطة ، يجوز أن يتلف لأحدهما ما يسلم للآخر ، فافترق بهذين حكم الأخوين ، وحكم الشريكين ، وإذا كان كذلك ، وقدم الآخر الغائب ذكر له الحاكم ، ما حكم له بميراثه من نصف الدار ، فإن ادعاها سلم إليه نصفها وإن أنكرها وقال : لا حق لي فيها ، رد النصف على من في يده ، ولم يؤثر إنكاره في حق أخيه ، لأنه قد ملك بينة عادلة .

                                                                                                                                            فصل : فأما إذا ما ادعاه الابن ، وأقام عليه البينة دينا في الذمة سلم إليه حقه منه ، وهو النصف ، وفي قبض حصة الغائب من الغريم وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يقبض ويوضع على يد أمين كما تقبض الأعيان من الدار ، وما لا يثبت في الذمة من ثياب وحيوان .

                                                                                                                                            [ ص: 341 ] والوجه الثاني : لا يقبض الدين ، وإن وجب قبض الأعيان ويستبقى في ذمة الغريم بخلاف المعين ، لأن قبضه للغائب معتبر بالأحوط ، واستبقاؤه في ذمة مضمونة أولى من قبضه بتركه أمانة إلا أن يكون الدين على غير ملي ، فيقبض وجها واحدا .

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن لم يعرف عددهم وقف ماله وتلوم به ، ويسأل عن البلدان التي وطنها هل له فيها ولد ؟ فإذا بلغ الغاية التي لو كان له فيها ولد لعرفه ، وادعى الابن أن لا وارث له غيره أعطاه المال بالضمين وحكي أنه لم يقض له إلا أنه لم يجد له وارثا غيره فإذا جاء وارث غيره أخذ الضمناء بحقه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وقد مضى الكلام في البينة الكاملة إذا أقامها الابن الحاضر ووجوب الحكم بها للحاضر والغائب ، فأما البينة الناقصة فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تشهد بالدار للميت ، ولا تشهد للحاضر بالبنوة ، فلا يتعلق بهذه الشهادة حق للحاضر ، ولا للغائب ، وتكون الدار مقرة في يدي من هي في يده ، لأن دعواها لم تسمع من مستحق لها فلم يكن لبينته تأثير ، حتى يقيم البينة على ثبوت نسبه .

                                                                                                                                            فإذا أقامها وثبت نسبه بها ، استغنى عن إعادة الدعوى والبينة ، وإن كانا قبل ثبوت النسب ، لأن ما قدمه من الدعوى قد تضمنت الدار والنسب على وجه صح به سماعها ولو شهدت بينته الأولى بالدار والنسب ، حكم له بها كذلك ، إذا شهدت الأولى بالدار ، وشهدت الثانية بالنسب حكم بهما .

                                                                                                                                            ولو استأنف الدعوى ، وأعاد البينة كان أولى .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تشهد البينة بالدار للميت ، وتشهد للحاضر بالبنوة ، ولا تشهد أن لا وارث له غيره ، فقد قامت البينة بهما وكان مالكا لنصيب مجهول من الدار ، لا يعلم قدره . وله حالتان :

                                                                                                                                            إحداهما : أن يقدر على إقامة بينة بأن لا وارث له غيره .

                                                                                                                                            الثانية : أن يعجز .

                                                                                                                                            فإن قدر على إقامتها ، وشهدت بينة عادلة ، بأن لا وارث غيره نظر في البينة ، فإن كانت من أهل المعرفة الباطنة بالميت ، على قديم الوقت وحدوثه في حضره وسفره سمعت ، وحكم له بالميراث ، ولم يطالب بضمين ، لأنه قد أقام بينة إن لم يعمل بموجبها ، أعملت .

                                                                                                                                            وإن كانت من أهل المعرفة الظاهرة دون الباطنة لم تصح شهادتهم ، بأن لا وارث [ ص: 342 ] غيره ، لأنه قد يجوز أن يكون له في الباطن ولد ، لا يعلمون به فلم يصلوا بمعروف الظاهر إلى معرفة ما قد يكون في الباطن ، فلم يحكم به وصار كمن لم يقم بينة بأن لا وارث له غيره .

                                                                                                                                            وإذا لم يقمها منع من حقه في الدار للجهل بمقداره ، ولزم الحاكم أن يستكشف عن حال الميت في البلاد التي وطئها ، ويكاتب حكامها بالمسألة عن حاله ، هل خلف فيها ولدا أو وارثا ويلزم به فإنه لا يخفى حال وارث له في مثله ، فإن حضرته بينة جاز أن يسمعها الحاكم من غير دعوى ، وعلى غير خصم ، لأنها بينة على ما قد لزم من الكشف فكانت في حق نفسه لتقييد ما قد حكم به ، والبينة تكون من أهل المعرفة الباطنة به أنهم لا يعلمون له وارثا غيره ، لأنها بينة على نفي فحملت على العلم دون القطع ، فإن شهدوا أن لا وارث له غيره قبلوا وكانت شهادتهم محمولة على العلم ، دون القطع ، ودفع إليه الميراث بعد تمام الشهادة ، من غير ضمين .

                                                                                                                                            وإن لم يظهر للحاكم بينة ، وبلغ زمان الإياس من الظفر بها ، وأن يظهر ما لم يظهر دفع إليه المال ، إن لم يقر بغيره ، فإن أقر بأخ له غائب أعطاه نصف الدار والتركة ، وكان نصفها موقوفا على قدوم الغائب .

                                                                                                                                            فأما مطالبة الحاضر بإقامة ضمين فيها ، دفع إليه احتياطا ؟ لظهور شريك قد يكون له في الميراث حق ، فقد قال الشافعي في هذا الموضوع ما يدل على وجوب الضمين وقال في كتاب الإقرار : ما يدل على استحبابه ، فاختلف أصحابه فيه على أربعة مذاهب :

                                                                                                                                            أحدها : أن خرجوا اختلاف نصه في الموضعين على اختلاف قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : يجب ليكون نفوذ الحكم على الأحوط .

                                                                                                                                            والقول الثاني : يستحب ، فلا تجب لأنها وثيقة لغير مطالب .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : إن كان هذا الوارث ممن لا يسقط بغيره كالابن لم يجب عليه إقامة ضمين ، وإن كان ممن يسقط بغيره كالأخ ، وجب عليه إقامة ضمين .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : إن كان أمينا لم يجب عليه إقامة ضمين ، وإن كان غير أمين وجب عليه .

                                                                                                                                            فإن قيل : لم قلتم تقسمون مال المفلس بين غرمائه بعد إشاعة أمره من غير ضمين مع جواز ظهور غريم .

                                                                                                                                            [ ص: 343 ] قيل : لوقوع الفرق بينهما ، بأن حقوق الغرماء متحققة وحق هذا الوارث غير متحقق ، فإذا دفع الحاكم المال إليه على ما وصفنا كتب قصته ، وذكر فيها أن دفع المال إليه بعد الكشف الظاهر من غير حكم قاطع بأمر الاستحقاق ليكون إن ظهر له شريك في الميراث غير مدفوع بنفوذ الحكم عليه بإبطال حقه منه ، ليكن من المطالبة وإقامة البينة .

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كان مكان الابن أو معه زوجة ولا يعلمونه فارقها ، أعطيتها ربع الثمن لأن ميراثها محدود للأكثر والأقل الثمن وربع الثمن وميراث الابن غير محدود " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أنه لا يخلو مدعي الميراث ، إذا أقام البينة بسبب ميراثه ، وعدم البينة ، بأن لا وارث له غيره من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون ممن لا يسقط بحال كالابن ، فيوقف أمره في الحال على الكشف ، ولا يدفع إليه من التركة شيء ، لأنه ليس له قدر متيقن ، فإن لم يبن بعد كشف الحاكم وارث غيره ، دفع إليه الميراث على ما قدمناه من حال الضمين .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يكون ممن يجوز أن يرث في حال كالأخ ، فيوقف أمره على الكشف ، فإن لم يبن للحاكم بعد طول الكشف وارث سواه ، ولم يقم البينة بأن لا وارث له سواه ، فقد اختلف أصحابنا هل يجري مجرى الابن في دفع الميراث إليه ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول جمهورهم : أنه يدفع إليه كالابن ، لأن لم يعلم وارث غيره .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول ابن سريج أنه يكون موقوفا على الأبد ، حتى تقوم البينة بأن لا وارث له غيره بخلاف الابن ، لوقوع الفرق بينهما بأن الابن وارث في الأحوال كلها بيقين ، والأخ مشكوك فيه ، هل هو وارث ، أو غير وارث ، فلم يجز أن يرث إلا بيقين ، وهكذا حكم ابن الابن لجواز سقوطه بالابن .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون ممن لا يسقط بحال ، وله فرض مقدر كالأبوين ، والزوجين ، فيدفع إليه أقل فرضه ، لأنه يستحقه بيقين ويوقف أكثره على الكشف ، فإن كان أبا دفع إليه السدس معولا .

                                                                                                                                            وإن كانت أما فكذلك يدفع السدس معولا ، وإن كان زوجا ، دفع إليه الربع معولا ، وإن كانت زوجة دفع إليها ربع الثمن معولا ، لجواز أن تكون واحدة من أربع [ ص: 344 ] فإن لم يظهر بعد طول الكشف من يحجب هؤلاء عن أعلى الفرضين صار كالابن يدفع إليه باقي فرضه الأعلى بضمين على ما ذكرناه من الوجوه .

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا ماتت زوجته وابنه منها ، فقال أخوها : مات ابنها ثم ماتت ، فلي ميراثي مع زوجها ، وقال زوجها : بل ماتت فأحرز أنا وابني المال ثم مات ابني فالمال لي ، فالقول قول الأخ لأنه وارث لأخته وعلى الذي يدعي أنه محجوب البينة وعلى الأخ ، فيما يدعي أن أخته ورثت ابنها البينة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها في امرأة ذات زوج ، وابن ، وأخ ، ماتت وابنها ، واختلف زوجها ، وأخوها فقال الأخ : مات ابنها قبلها ، فكان ميراثه بينك وبينها ، ثم ماتت بعده ، فكان ميراثها بيني وبينك ، فلك ميراث زوج هو النصف ، ولي معك ميراث أخ ، هو النصف وقال الزوج : بل ماتت الزوجة قبل ابنها ، فورثتها مع ابنها دونك ثم مات الابن ، فورثته دونك .

                                                                                                                                            فإن كان لواحد منهما بينة بما ادعاه ، حكم بها ، وإن عدمت البينة ، كان تنازعهما في تقدم الموت ، وتأخره معتبرا بالغرقى ، والهدمى ، فيقطع التوارث بين الميتين ، ويجعل تركة كل واحد منهما للحي من ورثته فيجعل تركة الابن لأبيه ، كأنه لا أم له ، ويجعل تركة الأم بين زوجها وأخيها ، كأنه لا ابن لها ، فيعطى زوجها النصف والنصف الباقي للأخ .

                                                                                                                                            فإن قيل : فالزوج يدعي من تركتها مع الابن الربع ، فلم أعطي النصف وهو لا يدعيه ؟ قيل : هو وإن ادعى الربع بميراثه عنها ، فقد ادعى باقيه بميراثه عن أبيه مع اختلاف السببين ، فصار بإعطاء النصف مدفوعا عن استحقاق الكل ، فصار معطى بعض ما ادعى ولم يعط أكثر منه .

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أقام البينة أنه ورث هذه الأمة من أبيه ، وأقامت امرأة البينة أن أباه أصدقها إياها ، فهي للمرأة كما يبيعها ولم يعلم شهود الميراث " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها في أمة تنازعها ابن ميت ، وزوجته ، فقال الابن : هذه الأمة لي ورثتها معك عن أبي ، وقالت الزوجة : هذه الأمة لي ملكتها عن أبيك بصداقي .

                                                                                                                                            فإن عدمت البينة ، فالقول قول الابن مع يمينه ، لأنها على أصل ملك الأب ، وموروثه عنه ، ودعوى الزوجة لها صداقا غير مقبولة ، كما لو ادعتها ابتياعا .

                                                                                                                                            [ ص: 345 ] وإن أقام كل واحد منهما بينة على ما ادعاه ، فشهدت بينة الابن أن أباه خلفها ميراثا ، وشهدت بينة الزوجة أنه جعلها لها صداقا ، حكم للزوجة دون الابن ، لأن بينتها أعلمت زيادة لم تعلمها بينة الابن فكان الحكم بالزيادة أولى ، كما لو ادعت بالابتياع كانت بينة الابتياع أولى من بينة الورثة .

                                                                                                                                            ولأن الميت لو كان حيا فقامت عليه البينة في أمة يملكها أنه باعها ، أو أصدقها قضي بها عليه ، وإن أنكرها . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية