الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويكبر خلف الفرائض والنوافل ، قال المزني : الذي قبل هذا عندي أولى به لا يكبر إلا خلف الفرائض " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، أما التكبير فسن للمقيم والمسافر ، والرجل والمرأة .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة التكبير سنة للرجل المقيم دون المرأة ، والمسافر وما ذكرنا أولى ، لعموم قوله تعالى : ولتكبروا الله على ما هداكم [ البقرة : 185 ] .

                                                                                                                                            وإذا صح أن ذلك سنة للكافة فقد قال الشافعي في هذا الموضع : يكبر خلف الفرائض والنوافل ، وقال في موضع آخر : خلف الفرائض ، فاختلف أصحابنا فكان المزني مع بعض أصحابنا يخرجون المسألة على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : يكبر خلف الفرائض والنوافل .

                                                                                                                                            والقول الثاني : يكبر خلف الفرائض دون النوافل ، وقال آخرون من أصحابنا : مذهب الشافعي يكبر خلف الفرائض دون النوافل قولا واحدا ، وبه جرى العمل توارثا في الأمصار بين الأئمة ، فمن قال تمهيدا لهم عما نقله المزني من تكبيره خلف الفرائض والنوافل جوابان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه غلط في النقل من التنبيه إلى التكبير .

                                                                                                                                            والثاني : أنه غلط في المعنى دون الرواية ، وإنما أراد بالتكبير خلف الفرائض والنوافل ما تعلق بالزمان في ليلتي العيدين ، دون ما تعلق بالصلوات في أيام النحر ، وقال آخرون : بل النوافل على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : ما سن منفردا فلا يكبر خلفه .

                                                                                                                                            والثاني : ما سن في جماعة كالاستسقاء والخسوفين فهذا يكبر خلفه ، وله أراد الشافعي تشبيها بالفرائض ، فمن قال بهذا اختلفوا هل يكبر خلف صلاة الجنازة ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يكبر لفعله في جماعة .

                                                                                                                                            والثاني : لا يكبر ؛ لأنها ليست صلاة شرعية ذات ركوع وسجود ، وإنما هي دعاء وترحم فلو نسي صلاة من أيام التشريق فقضاها بعد أيام التشريق لم يكبر خلفها ، ولو ذكر في أيام التشريق صلاها فائتة قضاها ، وكبر خلفها ، لأن التكبير من سنة الوقت .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية