مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : ( وله تعجيل الكتابة قبل الجناية وقبل الدين الحال ما لم يقف الحاكم لهم ماله كالحر فيما عليه " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، طولب بها من كتابة تتعلق بذمته ، وأرش جنايته يتعلق برقبته ، وديون معاملة تتعلق بذمته ، وبما في [ ص: 268 ] يده ، وبيده مال هو على تصرفه فيه ، فله فيما حل منه أن يبدأ بقضاء أي الحقوق شاء ، فإن أرش الجناية لا يثبت إلا حالا ، إذا اجتمعت على المكاتب حقوق ، والدين قد يثبت حالا ومؤجلا ، فإن حلت الكتابة كان الدين حالا ، واجتمعا مع أرش الجناية ، فصار الجميع من الأموال الحالة عليه ، فله في أرش الجناية أن يفدي نفسه بها ، وإن كانت أضعاف قيمته ما كان باقيا على كتابته لما فيها من استصلاح نفسه ، وحفظ كتابته ، وإن لم يكن له افتداء عبده إلا بقدر قيمته ، لأن بيع عبده في الجناية لا يؤثر في كتابته ، فلذلك ما افترقا ، وإذا كان كذلك ، واجتمعت عليه هذه الحقوق الثلاثة : مال الكتابة وديون المعاملة وأروش الجناية ، وبيده مال وجميع الحقوق حالة فله أن يقدم قضاء ما شاء منها إذا كان ما بيده متسعا لجميعها ، وليس يتصور مع اتساع المال أن يعجز عن بعضها ، فإن ضاق المال عن جميعها فله ما لم يحجر الحاكم عليه بالفلس أن يبدأ بقضاء أي الثلاثة شاء ، فإن قدم الدين فلا اعتراض فيه لسيده ، ولا لمستحق جنايته ، وإن قدم أرش الجناية فلا اعتراض فيه لسيده ولا لمستحق الدين ، وإن قدم مال الكتابة فلا اعتراض فيه لصاحب الجناية ، ولا لصاحب الدين ، سواء عتق بالأداء أو لم يعتق ، لجواز تصرفه وصحة أدائه . ومال الكتابة لا يثبت إلا مؤجلا