الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن جنى بعض عبيده على بعض عمدا فله القصاص إلا أن يكون والدا فلا يقتل والده بعبده وهو لا يقتل به " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا كان للمكاتب عبيد ، فقتل بعضهم بعضا نظر القتل ، فإن كان القتل خطأ كانت الجناية هدرا ، لأنها توجب المال ، والسيد لا يثبت له في رقبة عبده مال ، وإن كان القتل عمدا فللمكاتب أن يقتص ، ولا اعتراض عليه للسيد ، لما في القصاص من استصلاح الملك في حسم القتل ، فإن كان القاتل أبا [ ص: 275 ] للمكاتب لم يكن للمكاتب أن يقتص من أبيه لعبده ، لأنه لما لم يكن له أن يقتص منه بنفسه فأولى أن لا يقتص منه بعبده ، وكذلك لو كان القاتل أب العبد المقتول لم يكن للمكاتب أن يقتص من والد بولد .

                                                                                                                                            فأما إن كان القاتل ابن المكاتب فللمكاتب أن يقتص من ابنه بعبده ، لأنه يجوز أن يقتص منه بنفسه ، وكذلك لو كان القاتل ابن العبد المقتول فللمكاتب أن يقتص منه ، لأنه يجوز أن يقتص من ولد بوالد .

                                                                                                                                            فأما إن عفا المكاتب عن القصاص صارت الدية هدرا كالخطأ ، فلو عجز المكاتب ، وعاد عبدا قبل العفو والقصاص ، فللسيد من القصاص ما كان للمكاتب يقتص ممن كان للمكاتب أن يقتص منه ، ولا يجوز له أن يقتص ممن لم يكن للمكاتب أن يقتص منه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية