مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وليس له أن يصالح إلا على الاستيفاء لجميع الأرش " .
قال الماوردي : أما إذا طالب بالدية ، ففيه عفو عن القود ، ولو طالب بالقود لم يكن فيه عفو عن الدية لأن الدية بدل عن قود ، فكان العدول إلى البدل عفوا عن المبدل ، ولم يكن العدول أرش العيب في المبيع يكون العدول إليه عفوا عن الرد ، ولا تكون المطالبة بالرد عفوا عن الأرش ، فأما العفو عن القود ، فله فيه ثلاثة أحوال : أحدها : أن يعفو عنه إلى الدية مصرحا بطلبها ، فله ذلك ويستحق الدية ، ويسقط القود .
والحال الثانية : أن يعفو عن القود ، ويصرح بالعفو عن الدية ، فيصح عفوه عن القود ، وفي عفوه عن الدية قولان :
أحدهما : تصح إذا قيل : إن جناية العمد توجب القود وحده ، وأن الدية لا تجب إلا باختيار المجني عليه ؛ لأن الدية لا تجب إلا باختياره ، والمكاتب لا يجبر على اختيار التملك ، فيصح عفوه عن الدية كما صح عفوه عن القود .
والقول الثاني : أن عفوه عن الدية لا يصح ، وإن صح عفوه عن القود إذا قيل : إن جناية العمد توجب أحد الأمرين من القود أو الدية لأن في عفوه عنها إسقاطا لما ملكه [ ص: 283 ] بها ، فجرى مجرى الهبة فبطل العفو إن لم يأذن فيه السيد ، وفي بطلانه بإذنه قولان كالهبة .
والحال الثالثة : أن يعفو عن القود ، ولا يصرح في الدية بعفو ولا طلب ، فيسقط القود بعفوه ، وفي سقوط الدية بإمساكه قولان :
أحدهما : تسقط إذا قيل : إن جناية العمد توجب القود ، وأن الدية لا تجب إلا بالاختيار ، فإذا لم يوجد اختيار الدية على الفور سقط حكمه .
والقول الثاني : لا تسقط الدية إذا قيل : إن جناية العمد توجب أحد الأمرين من القود أو الدية ، فلا يكون العفو عن أحدهما عفوا عن الآخر .