الضرب الرابع :
nindex.php?page=treesubj&link=11467ما اختص به - صلى الله عليه وسلم - من الفضائل والإكرام ، فمنه أن
nindex.php?page=treesubj&link=11474زوجاته اللاتي توفي عنهن - رضي الله عنهن - محرمات على غيره أبدا ، وفيمن فارقها في الحياة أوجه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابن أبي هريرة : يحرم ، وهو المنصوص في أحكام القرآن ، لقول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6وأزواجه أمهاتهم )
[ الأحزاب : 60 ] . والثاني ، يحل . والثالث : يحرم الدخول بها فقط . قال الشيخ
أبو حامد : هو الصحيح .
قلت : الأول أرجح . - والله أعلم - .
فإن حرمنا ، ففي أمة يفارقها بالموت أو غيره بعد وطئها وجهان .
ولو فرض أن بعض المخيرات اختارت الفراق ، ففي حلها لغيره طريقان . قال العراقيون : فيها الأوجه ، وقطع
أبو يعقوب الأبيوردي وآخرون بالحل ، لتحصل فائدة التخيير ، وهو التمكن من زينة الدنيا ، وهذا اختيار الإمام ،
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي . ومنه ، أن أزواجه أمهات المؤمنين ، سواء من ماتت تحته - صلى الله عليه وسلم - ، ومن مات عنها وهي تحته ، وذلك في تحريم نكاحهن ووجوب احترامهن وطاعتهن ، لا في النظر والخلوة ، ولا يقال : بناتهن أخوات المؤمنين ، ولا آباؤهن وأمهاتهن أجداد وجدات المؤمنين ، ولا إخوتهن وأخواتهن أخوال المؤمنين وخالاتهم . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14404أبو الفرج الزاز وجها أنه يطلق اسم الأخوة على بناتهن ، واسم الخئولة على إخوتهن وأخواتهن ، لثبوت حرمة الأمومة لهن ، وهذا ظاهر لفظ ( المختصر ) .
قلت : قال
البغوي : كن أمهات المؤمنين من الرجال دون النساء ، روي ذلك
[ ص: 12 ] عن
عائشة - رضي الله عنها - ، وهذا جار على الصحيح عند أصحابنا وغيرهم من أهل الأصول ، أن النساء لا يدخلن في خطاب الرجال . وحكى
الماوردي في تفسيره خلافا في كونهن أمهات المؤمنات ، وهو خارج على مذهب من أدخلهن في خطاب الرجال . قال
البغوي : وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا للرجال والنساء جميعا . وقال
الواحدي من أصحابنا : قال بعض أصحابنا : لا يجوز أن يقال : هو أبو المؤمنين ، لقول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=40ما كان محمد أبا أحد من رجالكم )
[ الأحزاب : 40 ] قال : نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على أنه يجوز أن يقال : هو أبو المؤمنين ، أي : في الحرمة . ومعنى الآية : ليس أحد من رجالكم ولد صلبه . - والله أعلم - .
ومنه ،
nindex.php?page=treesubj&link=31357تفضيل زوجاته على سائر النساء ، وجعل ثوابهن وعقابهن مضاعفا ، ولا يحل أن يسألهن أحد شيئا إلا من وراء حجاب ، ويجوز أن يسأل غيرهن مشافهة .
قلت :
nindex.php?page=treesubj&link=31361وأفضل زوجاته - صلى الله عليه وسلم - ،
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة ،
وعائشة - رضي الله عنهما - قال
المتولي : واختلفوا أيتهما أفضل . - والله أعلم - .
ومنه ، في غير النكاح ، أنه
nindex.php?page=treesubj&link=11467خاتم النبيين ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وأمته خير الأمم ، وشريعته مؤبدة وناسخة لجميع الشرائع ، وكتابه معجز محفوظ عن التحريف والتبديل ، وأقيم بعده حجة على الناس ، ومعجزات سائر الأنبياء
[ ص: 13 ] انقرضت ، ونصر بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت له الأرض مسجدا ، وترابها طهورا ، وأحلت له الغنائم ، ويشفع في أهل الكبائر .
قلت : هذه العبارة ناقصة أو باطلة ، فإن شفاعته - صلى الله عليه وسلم - التي اختص بها ليست الشفاعة في مطلق أهل الكبائر ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=30380_30373_25036لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القيامة شفاعات خمسا .
أولاهن :
nindex.php?page=treesubj&link=25036_30373الشفاعة العظمى في الفصل بين أهل الموقف حين يفزعون إليه بعد الأنبياء . كما ثبت في الحديث الصحيح ، حديث الشفاعة . والثانية : في جماعة ، فيدخلون الجنة بغير حساب . والثالثة : في ناس استحقوا دخول النار فلا يدخلونها . والرابعة : في ناس دخلوا النار ، فيخرجون . والخامسة : في رفع درجات ناس في الجنة ، وقد أوضحت ذلك ( كله ) في ( كتاب الإيمان ) من أول شرح صحيح
مسلم - رحمه الله - ، والشفاعة المختصة به - صلى الله عليه وسلم - ، هي الأولى والثانية ، ويجوز أن تكون الثالثة والخامسة أيضا . - والله أعلم - .
nindex.php?page=treesubj&link=28747_11467_31048وبعث - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=25037سيد ولد آدم ، وأول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع ومشفع ، وأول من يقرع باب الجنة ، وهو أكثر الأنبياء أتباعا ، وأمته معصومة لا تجتمع على ضلالة ، وصفوفهم كصفوف الملائكة . وكان لا ينام قلبه ، ويرى من وراء ظهره كما يرى من قدامه ، وتطوعه بالصلاة قاعدا كتطوعه قائما وإن لم يكن عذر ، وفي حق غيره ثواب القاعد النصف .
[ ص: 14 ] قلت : هذا قد قاله صاحب ( التلخيص ) ، وتابعه
البغوي ، وأنكره
القفال ، وقال : لا يعرف هذا ، بل هو كغيره ، والمختار الأول ، لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350749أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدته يصلي جالسا ، فقلت : حدثت يا رسول الله أنك قلت : صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة " وأنت تصلي قاعدا : قال : " أجل ولكني لست كأحدكم " رواه
مسلم في صحيحه . - والله أعلم - .
ويخاطبه - صلى الله عليه وسلم - المصلي بقوله :
nindex.php?page=treesubj&link=31052_23680السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ، ولا يخاطب سائر الناس ، ولا يجوز لأحد رفع صوته فوق صوته ، ولا أن يناديه من وراء الحجرات ، ولا أن يناديه باسمه فيقول : يا
محمد ، بل يقول : يا رسول الله ، يا نبي الله ، ويجب
nindex.php?page=treesubj&link=23664على المصلي إذا دعاه ، أن يجيبه ، ولا تبطل صلاته . وحكى
أبو العباس الروياني وجها أنه لا يجب ، وتبطل به الصلاة ، وكان يتبرك ويستشفى ببوله ودمه ، ومن زنا بحضرته أو استهان به ، كفر .
قلت : في الزنا ، نظر . - والله أعلم - .
nindex.php?page=treesubj&link=25032وأولاد بناته ينسبون إليه ، وأولاد بنات غيره ، لا ينسبون إليه في الكفاءة وغيرها .
[ ص: 15 ] قلت : كذا قال صاحب ( التلخيص ) وأنكره
القفال وقال : لا اختصاص في انتساب أولاد البنات . - والله أعلم - .
وقال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2006082كل " سبب ونسب منقطع يوم القيامة ، إلا سببي ونسبي " قيل : معناه : أن
nindex.php?page=treesubj&link=31057_31049أمته ينتسبون إليه يوم القيامة ، وأمم سائر الأنبياء لا ينسبون إليهم . وقيل : ينتفع يومئذ بالنسبة إليه ، ولا ينتفع بسائر الأنساب . وقال - صلى الله عليه وسلم - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350750تسموا باسمي ، ولا تكتنوا بكنيتي " وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - :
nindex.php?page=treesubj&link=25874ليس لأحد أن يكتني بأبي القاسم ، سواء كان اسمه محمدا ، أم لا ، ومنهم من حمله على كراهة الجمع بين الاسم والكنية ، وجوز الإفراد ، ويشبه أن يكون هذا أصح ، لأن الناس ما زالوا يكتنون به في جميع الأعصار من غير إنكار .
قلت : هذا الذي تأوله
الرافعي واستبدل به فيهما ، ضعيف ، وهذه المسألة فيها ثلاثة مذاهب . أحدها : مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وهو ما ذكره . والثاني : مذهب
مالك : أنه يجوز التكني
بأبي القاسم لمن اسمه
محمد ولغيره . والثالث : يجوز لمن اسمه
محمد دون غيره . ومن جوز مطلقا ، جعل النهي مختصا بحياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد يستدل له بما ثبت في الحديث من سبب النهي ، وأن
اليهود تكنوا به ، وكانوا ينادون : يا
أبا القاسم ، فإذا التفت النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا : لم نعنك ، إظهارا للإيذاء ، وقد زال ذلك
[ ص: 16 ] المعنى ، وهذا المذهب أقرب ، وقد أوضحته مع ما يتعلق به في كتاب الأذكار وكتاب الأسماء . وما يتعلق بهذا الضرب ، أن
nindex.php?page=treesubj&link=23695شعره - صلى الله عليه وسلم - طاهر على المذهب وإن نجسنا شعر غيره ، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=30951_30948بوله ودمه وسائر فضلاته طاهرة على أحد الوجهين كما سبق ، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=23672الهدية له حلال ، بخلاف غيره من الحكام وولاة الأمور من رعاياهم .
nindex.php?page=treesubj&link=25038وأعطي جوامع الكلم . ومن خصائصه - صلى الله عليه وسلم - ، ما ذكره صاحب ( التلخيص )
والقفال قالا : كان النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=treesubj&link=30603يؤخذ عن الدنيا عند تلقي الوحي ، ولا تسقط عنه الصلاة ولا غيرها . وفاته - صلى الله عليه وسلم - ركعتان بعد الظهر ، فقضاهما بعد العصر ، ثم واظب عليهما بعد العصر .
وفي اختصاصه بهذه المداومة وجهان . أصحهما : الاختصاص . ومنها : أنه لا يجوز الجنون على الأنبياء ، بخلاف الإغماء . واختلفوا في جواز الاحتلام ، والأشهر امتناعه . ومنها ، أنه من رآه - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقد رآه حقا . وأن الشيطان لا يتمثل في صورته ، ولكن لا يعمل بما يسمعه الرائي منه في المنام مما يتعلق بالأحكام ، لعدم ضبط الرائي ، لا للشك في الرؤية ، فإن الخبر لا يقبل إلا من ضابط مكلف ، والنائم بخلافه .
ومنها ، أن الأرض لا تأكل لحوم الأنبياء ، للحديث الصحيح في ذلك .
[ ص: 17 ] ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350751إن كذبا علي ليس ككذب على أحد " . فالكذب عمدا عليه من الكبائر ، ولا يكفر فاعله على الصحيح وقول الجمهور . وقال
الشيخ أبو محمد : هو كفر . ولنختم الباب بكلامين .
أحدهما : قال إمام الحرمين : قال المحققون : ذكر الاختلاف في مسائل الخصائص خبط غير مفيد ، فإنه لا يتعلق به حكم ناجز تمس إليه حاجة ، وإنما يجري الخلاف فيما لا نجد بدا من إثبات حكم فيه ، فإن الأقيسة لا مجال لها ، والأحكام الخاصة تتبع فيها النصوص ، وما لا نص فيه ، فتقدير اختيار فيه ، هجوم على الغيب من غير فائدة .
والكلام الثاني : قال
الصيمري : منع أبو علي بن خيران الكلام في الخصائص ، لأنه أمر انقضى ، فلا معنى للكلام فيه . وقال سائر أصحابنا : لا بأس به ، وهو الصحيح ، لما فيه من زيادة العلم ، فهذا كلام الأصحاب ، والصواب الجزم بجواز ذلك ، بل باستحبابه . بل لو قيل بوجوبه ، لم يكن بعيدا ، لأنه ربما رأى جاهل بعض الخصائص ثابتة في الحديث الصحيح فعمل به أخذا بأصل التأسي ، فوجب بيانها
[ ص: 18 ] لتعرف فلا يعمل بها ، وأي فائدة أهم من هذه ؟ وأما ما يقع في ضمن الخصائص مما لا فائدة فيه اليوم ، فقليل لا تخلو أبواب الفقه عن مثله للتدرب ومعرفة الأدلة وتحقيق الشيء على ما هو عليه . - والله أعلم - .
الضَّرْبُ الرَّابِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=11467مَا اخْتَصَّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْإِكْرَامِ ، فَمِنْهُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11474زَوْجَاتِهِ اللَّاتِي تُوُفِّيَ عَنْهُنَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - مُحَرَّمَاتٌ عَلَى غَيْرِهِ أَبَدًا ، وَفِيمَنْ فَارَقَهَا فِي الْحَيَاةِ أَوْجُهٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12535ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ : يَحْرُمُ ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ )
[ الْأَحْزَابِ : 60 ] . وَالثَّانِي ، يَحِلُّ . وَالثَّالِثُ : يَحْرُمُ الدُّخُولُ بِهَا فَقَطْ . قَالَ الشَّيْخُ
أَبُو حَامِدٍ : هُوَ الصَّحِيحُ .
قُلْتُ : الْأَوَّلُ أَرْجَحُ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
فَإِنْ حَرَّمْنَا ، فَفِي أَمَةٍ يُفَارِقُهَا بِالْمَوْتِ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ وَطْئِهَا وَجْهَانِ .
وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ بَعْضَ الْمُخَيَّرَاتِ اخْتَارَتِ الْفِرَاقَ ، فَفِي حِلِّهَا لِغَيْرِهِ طَرِيقَانِ . قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ : فِيهَا الْأَوْجُهُ ، وَقَطَعَ
أَبُو يَعْقُوبَ الْأَبِيوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ بِالْحِلِّ ، لِتَحْصُلَ فَائِدَةُ التَّخْيِيرِ ، وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْإِمَامِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14847وَالْغَزَالِيِّ . وَمِنْهُ ، أَنَّ أَزْوَاجَهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ ، سَوَاءٌ مَنْ مَاتَتْ تَحْتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَمَنْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ تَحْتَهُ ، وَذَلِكَ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِهِنَّ وَوُجُوبِ احْتِرَامِهِنَّ وَطَاعَتِهِنَّ ، لَا فِي النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ ، وَلَا يُقَالُ : بَنَاتُهُنَّ أَخَوَاتُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَا آبَاؤُهُنَّ وَأُمَّهَاتُهُنَّ أَجْدَادُ وَجَدَّاتُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَا إِخْوَتُهُنَّ وَأَخَوَاتُهُنَّ أَخْوَالُ الْمُؤْمِنِينَ وَخَالَاتُهُمْ . وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=14404أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ وَجْهًا أَنَّهُ يُطْلَقُ اسْمُ الْأُخُوَّةِ عَلَى بَنَاتِهِنَّ ، وَاسْمُ الْخُئُولَةِ عَلَى إِخْوَتِهِنَّ وَأَخَوَاتِهِنَّ ، لِثُبُوتِ حُرْمَةِ الْأُمُومَةِ لَهُنَّ ، وَهَذَا ظَاهِرُ لَفْظِ ( الْمُخْتَصَرِ ) .
قُلْتُ : قَالَ
الْبَغَوِيُّ : كُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ ، رُوِيَ ذَلِكَ
[ ص: 12 ] عَنْ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ، وَهَذَا جَارٍ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ ، أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَدْخُلْنَ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ . وَحَكَى
الْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ خِلَافًا فِي كَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ ، وَهُوَ خَارِجٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَدْخَلَهُنَّ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ . قَالَ
الْبَغَوِيُّ : وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبًا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا . وَقَالَ
الْوَاحِدِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا : قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : هُوَ أَبُو الْمُؤْمِنِينَ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=40مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ )
[ الْأَحْزَابِ : 40 ] قَالَ : نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : هُوَ أَبُو الْمُؤْمِنِينَ ، أَيْ : فِي الْحُرْمَةِ . وَمَعْنَى الْآيَةِ : لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَدَ صُلْبِهِ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
وَمِنْهُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31357تَفْضِيلُ زَوْجَاتِهِ عَلَى سَائِرِ النِّسَاءِ ، وَجُعِلَ ثَوَابُهُنَّ وَعِقَابُهُنَّ مُضَاعَفًا ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَسْأَلَهُنَّ أَحَدٌ شَيْئًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَسْأَلَ غَيْرَهُنَّ مُشَافَهَةً .
قُلْتُ :
nindex.php?page=treesubj&link=31361وَأَفْضَلُ زَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ،
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةُ ،
وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ
الْمُتَوَلِّي : وَاخْتَلَفُوا أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
وَمِنْهُ ، فِي غَيْرِ النِّكَاحِ ، أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=11467خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَأُمَّتُهُ خَيْرُ الْأُمَمِ ، وَشَرِيعَتُهُ مُؤَبَّدَةٌ وَنَاسِخَةٌ لِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ ، وَكِتَابُهُ مُعْجِزٌ مَحْفُوظٌ عَنِ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ ، وَأُقِيمَ بَعْدَهُ حُجَّةً عَلَى النَّاسِ ، وَمُعْجِزَاتُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ
[ ص: 13 ] انْقَرَضَتْ ، وَنُصِرَ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ، وَجُعِلَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَسْجِدًا ، وَتُرَابُهَا طَهُورًا ، وَأُحِلَّتْ لَهُ الْغَنَائِمُ ، وَيُشَفَّعُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ .
قُلْتُ : هَذِهِ الْعِبَارَةُ نَاقِصَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ ، فَإِنَّ شَفَاعَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي اخْتَصَّ بِهَا لَيْسَتِ الشَّفَاعَةَ فِي مُطْلَقِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30380_30373_25036لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقِيَامَةِ شَفَاعَاتٍ خَمْسًا .
أُولَاهُنَّ :
nindex.php?page=treesubj&link=25036_30373الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى فِي الْفَصْلِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَوْقِفِ حِينَ يَفْزَعُونَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ . كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ . وَالثَّانِيَةُ : فِي جَمَاعَةٍ ، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ . وَالثَّالِثَةُ : فِي نَاسٍ اسْتَحَقُّوا دُخُولَ النَّارِ فَلَا يَدْخُلُونَهَا . وَالرَّابِعَةُ : فِي نَاسٍ دَخَلُوا النَّارَ ، فَيَخْرُجُونَ . وَالْخَامِسَةُ : فِي رَفْعِ دَرَجَاتِ نَاسٍ فِي الْجَنَّةِ ، وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ ( كُلَّهُ ) فِي ( كِتَابِ الْإِيمَانِ ) مِنْ أَوَّلِ شَرْحِ صَحِيحِ
مُسْلِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ، وَالشَّفَاعَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، هِيَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثَّالِثَةَ وَالْخَامِسَةَ أَيْضًا . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
nindex.php?page=treesubj&link=28747_11467_31048وَبُعِثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=25037سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ ، وَأَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ ، وَهُوَ أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ أَتْبَاعًا ، وَأُمَّتُهُ مَعْصُومَةٌ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ ، وَصُفُوفُهُمْ كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ . وَكَانَ لَا يَنَامُ قَلْبُهُ ، وَيَرَى مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ كَمَا يَرَى مِنْ قُدَّامِهِ ، وَتُطَوُّعُهُ بِالصَّلَاةِ قَاعِدًا كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ ، وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ ثَوَابُ الْقَاعِدِ النِّصْفُ .
[ ص: 14 ] قُلْتُ : هَذَا قَدْ قَالَهُ صَاحِبُ ( التَّلْخِيصِ ) ، وَتَابَعَهُ
الْبَغَوِيُّ ، وَأَنْكَرَهُ
الْقَفَّالُ ، وَقَالَ : لَا يُعْرَفُ هَذَا ، بَلْ هُوَ كَغَيْرِهِ ، وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ ، لِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350749أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي جَالِسًا ، فَقُلْتُ : حَدَّثْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ قُلْتَ : صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلَاةِ " وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا : قَالَ : " أَجَلْ وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ " رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
وَيُخَاطِبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُصَلِّي بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=treesubj&link=31052_23680السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، وَلَا يُخَاطِبُ سَائِرَ النَّاسِ ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ رَفْعُ صَوْتِهِ فَوْقَ صَوْتِهِ ، وَلَا أَنْ يُنَادِيَهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ ، وَلَا أَنْ يُنَادِيَهُ بِاسْمِهِ فَيَقُولُ : يَا
مُحَمَّدُ ، بَلْ يَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، وَيَجِبُ
nindex.php?page=treesubj&link=23664عَلَى الْمُصَلِّي إِذَا دَعَاهُ ، أَنْ يُجِيبَهُ ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ . وَحَكَى
أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ ، وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ ، وَكَانَ يُتَبَرَّكُ وَيُسْتَشْفَى بِبَوْلِهِ وَدَمِهِ ، وَمَنْ زَنَا بِحَضْرَتِهِ أَوِ اسْتَهَانَ بِهِ ، كُفِّرَ .
قُلْتُ : فِي الزِّنَا ، نَظَرٌ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
nindex.php?page=treesubj&link=25032وَأَوْلَادُ بَنَاتِهِ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ ، وَأَوْلَادُ بَنَاتِ غَيْرِهِ ، لَا يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ فِي الْكَفَاءَةِ وَغَيْرِهَا .
[ ص: 15 ] قُلْتُ : كَذَا قَالَ صَاحِبُ ( التَّلْخِيصِ ) وَأَنْكَرَهُ
الْقَفَّالُ وَقَالَ : لَا اخْتِصَاصَ فِي انْتِسَابِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2006082كُلُّ " سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي " قِيلَ : مَعْنَاهُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31057_31049أُمَّتَهُ يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَأُمَمُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يُنْسَبُونَ إِلَيْهِمْ . وَقِيلَ : يُنْتَفَعُ يَوْمَئِذٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِسَائِرِ الْأَنْسَابِ . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350750تَسَمُّوا بِاسْمِي ، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي " وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
nindex.php?page=treesubj&link=25874لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْتَنِيَ بِأَبِي الْقَاسِمِ ، سَوَاءً كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا ، أَمْ لَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى كَرَاهَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْكُنْيَةِ ، وَجَوَّزَ الْإِفْرَادَ ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَصَحَّ ، لِأَنَّ النَّاسَ مَا زَالُوا يَكْتَنُونَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ .
قُلْتُ : هَذَا الَّذِي تَأَوَّلَهُ
الرَّافِعِيُّ وَاسْتَبْدَلَ بِهِ فِيهِمَا ، ضَعِيفٌ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ . أَحَدُهَا : مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ . وَالثَّانِي : مَذْهَبُ
مَالِكٍ : أَنَّهُ يَجُوزُ التَّكَنِّي
بِأَبِي الْقَاسِمِ لِمَنِ اسْمُهُ
مُحَمَّدٌ وَلِغَيْرِهِ . وَالثَّالِثُ : يَجُوزُ لِمَنِ اسْمُهُ
مُحَمَّدٌ دُونَ غَيْرِهِ . وَمَنْ جَوَّزَ مُطْلَقًا ، جَعَلَ النَّهْيَ مُخْتَصًّا بِحَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ سَبَبِ النَّهْيِ ، وَأَنَّ
الْيَهُودَ تَكَنَّوْا بِهِ ، وَكَانُوا يُنَادَوْنَ : يَا
أَبَا الْقَاسِمِ ، فَإِذَا الْتَفَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا : لَمْ نَعْنِكَ ، إِظْهَارًا لِلْإِيذَاءِ ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ
[ ص: 16 ] الْمَعْنَى ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَقْرَبُ ، وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي كِتَابِ الْأَذْكَارِ وَكِتَابِ الْأَسْمَاءِ . وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الضَّرْبِ ، أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23695شَعْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَاهِرٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَإِنْ نَجَّسْنَا شَعْرَ غَيْرِهِ ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30951_30948بَوْلَهُ وَدَمَهُ وَسَائِرَ فَضَلَاتِهِ طَاهِرَةٌ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا سَبَقَ ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23672الْهَدِيَّةَ لَهُ حَلَالٌ ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْحُكَّامِ وَوُلَاةِ الْأُمُورِ مِنْ رَعَايَاهُمْ .
nindex.php?page=treesubj&link=25038وَأُعْطِي جَوَامِعَ الْكَلِمِ . وَمِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ ( التَّلْخِيصِ )
وَالْقَفَّالُ قَالَا : كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=treesubj&link=30603يُؤْخَذُ عَنِ الدُّنْيَا عِنْدَ تَلَقِّي الْوَحْيِ ، وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَلَا غَيْرُهَا . وَفَاتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ ، فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ، ثُمَّ وَاظَبَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ .
وَفِي اخْتِصَاصِهِ بِهَذِهِ الْمُدَاوَمَةِ وَجْهَانِ . أَصَحُّهُمَا : الِاخْتِصَاصُ . وَمِنْهَا : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجُنُونُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ، بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ . وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الِاحْتِلَامِ ، وَالْأَشْهَرُ امْتِنَاعُهُ . وَمِنْهَا ، أَنَّهُ مَنْ رَآهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآهُ حَقًّا . وَأَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِهِ ، وَلَكِنْ لَا يَعْمَلُ بِمَا يَسْمَعُهُ الرَّائِي مِنْهُ فِي الْمَنَامِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ ، لِعَدَمِ ضَبْطِ الرَّائِي ، لَا لِلشَّكِّ فِي الرُّؤْيَةِ ، فَإِنَّ الْخَبَرَ لَا يُقْبَلُ إِلَّا مِنْ ضَابِطٍ مُكَلَّفٍ ، وَالنَّائِمُ بِخِلَافِهِ .
وَمِنْهَا ، أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَأْكُلُ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ ، لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ .
[ ص: 17 ] وَمِنْهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350751إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ " . فَالْكَذِبُ عَمْدًا عَلَيْهِ مِنَ الْكَبَائِرِ ، وَلَا يَكْفُرُ فَاعِلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَوْلِ الْجُمْهُورِ . وَقَالَ
الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ : هُوَ كُفْرٌ . وَلْنَخْتِمِ الْبَابَ بِكَلَامَيْنِ .
أَحَدُهُمَا : قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ : قَالَ الْمُحَقِّقُونَ : ذِكْرُ الِاخْتِلَافُ فِي مَسَائِلِ الْخَصَائِصِ خَبْطٌ غَيْرُ مُفِيدٍ ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ نَاجِزٌ تَمَسُّ إِلَيْهِ حَاجَةٌ ، وَإِنَّمَا يَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَا نَجِدُ بُدًّا مِنْ إِثْبَاتِ حُكْمٍ فِيهِ ، فَإِنَّ الْأَقْيِسَةَ لَا مَجَالَ لَهَا ، وَالْأَحْكَامُ الْخَاصَّةُ تُتْبَعُ فِيهَا النُّصُوصُ ، وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ ، فَتَقْدِيرُ اخْتِيَارٍ فِيهِ ، هُجُومٌ عَلَى الْغَيْبِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ .
وَالْكَلَامُ الثَّانِي : قَالَ
الصَّيْمَرِيُّ : مَنَعَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ خَيْرَانَ الْكَلَامَ فِي الْخَصَائِصِ ، لِأَنَّهُ أَمْرٌ انْقَضَى ، فَلَا مَعْنَى لِلْكَلَامِ فِيهِ . وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا : لَا بَأْسَ بِهِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ ، فَهَذَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ ، وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِجَوَازِ ذَلِكَ ، بَلْ بِاسْتِحْبَابِهِ . بَلْ لَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ ، لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا رَأَى جَاهِلٌ بَعْضَ الْخَصَائِصِ ثَابِتَةً فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَعَمِلَ بِهِ أَخْذًا بِأَصْلِ التَّأَسِّي ، فَوَجَبَ بَيَانُهَا
[ ص: 18 ] لِتُعْرَفَ فَلَا يُعْمَلَ بِهَا ، وَأَيُّ فَائِدَةٍ أَهَمُّ مِنْ هَذِهِ ؟ وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي ضِمْنِ الْخَصَائِصِ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ الْيَوْمَ ، فَقَلِيلٌ لَا تَخْلُو أَبْوَابُ الْفِقْهِ عَنْ مِثْلِهِ لِلتَّدَرُّبِ وَمَعْرِفَةِ الْأَدِلَّةِ وَتَحْقِيقِ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .