الفصل الثالث : في
nindex.php?page=treesubj&link=10836_19329أحكام النظر .
جرت العادة بذكره هنا ، وله حالان . أحدهما : أن لا تمس الحاجة إليه . والثاني : أن تمس .
و [ الحال ] الأول : أربعة أضرب ، نظر الرجل إلى المرأة ، وعكسه ، والرجل إلى الرجل ، والمرأة إلى المرأة .
[ الضرب ] الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=10837_19329نظر الرجل إلى المرأة ، فيحرم نظره إلى عورتها مطلقا ، وإلى وجهها وكفيها إن خاف فتنة . وإن لم يخف ، فوجهان ، قال أكثر الأصحاب لا سيما المتقدمون : لا يحرم ، لقول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها )
[ الأحزاب : 31 ] وهو مفسر بالوجه والكفين ، لكن يكره ، قاله الشيخ
أبو حامد وغيره . والثاني : يحرم ، قاله
الاصطخري nindex.php?page=showalam&ids=12094وأبو علي الطبري ، واختاره
الشيخ أبو محمد ، والإمام ، وبه قطع صاحب ( المهذب )
nindex.php?page=showalam&ids=14396والروياني ، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات ، وبأن النظر مظنة الفتنة ، وهو محرك للشهوة ، فاللائق بمحاسن الشرع ، سد الباب فيه ، والإعراض عن تفاصيل الأحوال ، كالخلوة بالأجنبية . ثم المراد بالكف ، اليد من رءوس الأصابع إلى المعصم . وفي وجه : يختص الحكم بالراحة . وأما أخمصا القدمين ، فعلى الخلاف السابق في ستر العورة . وصوتها ليس بعورة على الأصح ، لكن يحرم الإصغاء إليه عند خوف الفتنة . وإذا قرع بابها ، فينبغي أن لا تجيب بصوت رخيم ، بل تغلظ صوتها .
قلت : هذا الذي ذكره من
nindex.php?page=treesubj&link=10835_25277تغليظ صوتها ، كذا قاله أصحابنا . قال
إبراهيم المروذي : طريقها أن تأخذ ظهر كفها بفيها وتجيب كذلك . - والله أعلم - .
[ ص: 22 ] هذا كله إذا كان الناظر بالغا فحلا ، والمنظور إليها حرة كبيرة أجنبية . ثم الكلام في ست صور .
إحداها :
nindex.php?page=treesubj&link=18205_10837_28370الطفل الذي لم يظهر على عورات النساء ، لا حجاب منه . وفي المراهق وجهان . أحدهما : له النظر ، كما له الدخول بلا استئذان إلا في الأوقات الثلاثة ، فعلى هذا ، نظره كنظر المحارم البالغين . وأصحهما : أن نظره كنظر البالغ إلى الأجنبية ، لظهوره على العورات . ونزل الإمام أمر الصبي ثلاث درجات . إحداها : أن لا يبلغ أن يحكي ما يرى . والثانية : يبلغه ويكون فيه ثوران شهوة وتشوف . والثالثة : أن يكون فيه ذلك . فالأول حضوره كغيبته ، ويجوز التكشف له من كل وجه . والثاني : كالمحرم . والثالث : كالبالغ . واعلم أن الصبي لا تكليف عليه ، وإذا جعلناه كالبالغ ، فمعناه يلزم المنظور إليها الاحتجاب منه ، كما يلزمها الاحتجاب من المجنون قطعا .
قلت : وإذا جعلنا الصبي كالبالغ ، لزم الولي أن يمنعه النظر ، كما يلزم أن يمنعه الزنا وسائر المحرمات . - والله أعلم - .
الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=26596في الممسوح وجهان . قال الأكثرون : نظره إلى الأجنبية ، كنظر الفحل إلى المحارم ، وعليه يحمل قول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال )
[ الأحزاب : 31 ] . والثاني : أنه كالفحل مع الأجنبية ، لأنه يحل له نكاحها .
[ ص: 23 ] قلت : والمختار في
nindex.php?page=treesubj&link=10837_28995تفسير غير أولي الإربة أنه المغفل في عقله الذي لا يكترث للنساء ولا يشتهيهن ، كذا قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره . - والله أعلم - .
وأما المجبوب الذي بقي أنثياه ، والخصي الذي بقي ذكره ، والعنين ، والمخنث وهو المشبه بالنساء ، والشيخ الهم ، فكالفحل ، كذا أطلق الأكثرون . وقال في الشامل : لا يحل للخصي النظر ، إلا أن يكبر ويهرم وتذهب شهوته ، وكذا المخنث . وأطلق
أبو مخلد البصري المتأخر في الخصي والمخنث وجهين .
قلت : هذا المذكور عن الشامل قاله شيخه القاضي
أبو الطيب ، وصرح بأن الشيخ الذي ذهبت شهوته ، يجوز له ذلك ، لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أو التابعين غير أولي الإربة ) . - والله أعلم - .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=26849مملوك المرأة محرم لها على الأصح ( عند الأكثرين ) .
قلت : وهو المنصوص ، وظاهر الكتاب والسنة وإن كان فيه نظر من حيث المعنى ، قال
القاضي حسين : فإن كاتبته ، فليس بمحرم . - والله أعلم - .
الرابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=10837إذا كان المنظور إليها أمة ، فثلاثة أوجه : أصحها فيما ذكره
البغوي nindex.php?page=showalam&ids=14396والروياني : يحرم النظر إلى ما بين السرة والركبة ، ولا يحرم ما سواه ، لكن يكره . والثاني : يحرم ما لا يبدو حال المهنة دون غيره . والثالث : أنها كالحرة ، وهذا غريب لا يكاد يوجد لغير
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي .
قلت : قد صرح صاحب ( البيان ) وغيره ، بأن الأمة كالحرة وهو مقتضى إطلاق كثيرين ، وهو أرجح دليلا . - والله أعلم - .
[ ص: 24 ] الخامسة : في
nindex.php?page=treesubj&link=19338النظر إلى الصبية ، وجهان . أحدهما : المنع . والأصح الجواز ، ولا فرق بين عورتها وغيرها ، لكن لا ينظر إلى الفرج .
قلت : جزم
الرافعي ، بأنه لا ينظر إلى فرج الصغيرة . ونقل صاحب العدة الاتفاق على هذا ، وليس كذلك ، بل قطع
القاضي حسين في تعليقه بجواز النظر إلى فرج الصغيرة التي لا تشتهى ، والصغير ، وقطع به في الصغير
إبراهيم المروذي . وذكر
المتولي فيه وجهين ، وقال : الصحيح الجواز ، لتسامح الناس بذلك قديما وحديثا ، وأن إباحة ذلك تبقى إلى بلوغه سن التمييز ، ومصيره بحيث يمكنه ستر عورته عن الناس . - والله أعلم - .
وأما العجوز ، فألحقها
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي بالشابة ، لأن الشهوة لا تنضبط ، وهي محل الوطء . وقال
الروياني : إذا بلغت مبلغا يؤمن الافتتان بالنظر إليها ، جاز النظر إلى وجهها وكفيها ، لقول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60والقواعد من النساء ) الآية [ النور : 6 ] .
السادسة :
nindex.php?page=treesubj&link=19344المحرم لا ينظر إلى ما بين السرة والركبة ، وله النظر إلى ما سواه على المذهب . وفي وجه : أنه يباح ما يبدو عند المهنة .
nindex.php?page=treesubj&link=19344وهل الثدي زمن الإرضاع مما يبدو ؟ وجهان . وسواء المحرم بالنسب والمصاهرة والرضاع ، وقيل : لا ينظر بالمصاهرة والرضاع إلا إلى البادي في المهنة . والصحيح الأول .
قلت : ويجوز للمحرم الخلوة والمسافرة بها . - والله أعلم - .
الضرب الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=19337_24946نظر الرجل إلى الرجل ، وهو جائز في جميع البدن ، إلا ما بين السرة والركبة ، لكن يحرم النظر إلى الأمرد وغيره بالشهوة ، وكذا النظر إلى المحارم وسائر المذكورات في الضرب السابق بالشهوة حرام قطعا . ولا يحرم
[ ص: 25 ] nindex.php?page=treesubj&link=19361النظر إلى الأمرد بغير شهوة إن لم يخف فتنة ، وإن خافها ، حرم على الصحيح وقول الأكثرين .
قلت : أطلق صاحب ( المهذب ) وغيره : أنه يحرم النظر إلى الأمرد لغير حاجة ، ونقله
الداركي عن نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - . - والله أعلم - .
الضرب الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=25949نظر المرأة إلى المرأة كالرجل إلى الرجل إلا في شيئين . أحدهما : حكى الإمام وجها : أنها كالمحرم ، وهو شاذ ضعيف . الثاني : في نظر الذمية إلى المسلمة وجهان . أصحهما عند
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي : كالمسلمة . وأصحهما عند
البغوي : المنع . فعلى هذا ، لا تدخل الذمية الحمام مع المسلمات ، وما الذي تراه من المسلمة ؟ قال الإمام : هي كالرجل الأجنبي . وقيل : ترى ما يبدو في المهنة ، وهذا أشبه .
قلت : ما صححه
البغوي هو الأصح أو الصحيح ، وسائر الكافرات كالذمية في هذا ، ذكره صاحب البيان . - والله أعلم - .
الضرب الرابع :
nindex.php?page=treesubj&link=26139_10840نظر المرأة إلى الرجل ، وفيه أوجه . أصحها : لها النظر إلى جميع بدنه إلا ما بين السرة والركبة . والثاني : لها نظر ما يبدو منه في المهنة فقط . والثالث : لا ترى منه إلا ما يرى منها .
قلت : هذا الثالث ، هو الأصح عند جماعة ، وبه قطع صاحب ( المهذب ) وغيره ، لقول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ) ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350753أفعمياوان أنتما ، أليس تبصرانه " الحديث ، وهو حديث حسن . - والله أعلم - .
[ ص: 26 ] وأما
nindex.php?page=treesubj&link=26139_10840نظرها إلى محرمها ، فلا يحرم إلا ما بين السرة والركبة على المذهب ، وبه قطع المحققون . وقيل : هو كنظره إليها ، ويحرم عليها النظر إلى الرجل عند خوف الفتنة قطعا . وحديث أفعمياوان ، يحمل على هذا أو على الاحتياط .
فرع
nindex.php?page=treesubj&link=19330ما لا يجوز النظر إليه متصلا كالذكر وساعد الحرة وشعر رأسها وشعر عانة الرجل وما أشبهها ، يحرم النظر إليه بعد الانفصال على الأصح . وقيل : لا ، وقال الإمام احتمالا لنفسه : إن لم يتميز المبان من المرأة بصورته وشكله عما للرجل : كالقلامة ، والشعر ، والجلدة ، لم يحرم . وإن تميز ، حرم .
قلت : ما ذكره الإمام ، ضعيف ، إذ لا أثر للتمييز ، مع العلم بأنه جزء يحرم نظره . وعلى الأصح : يحرم النظر إلى قلامة رجلها دون قلامة يدها ، ويده ورجله . - والله أعلم - .
[ ص: 27 ] nindex.php?page=treesubj&link=26377وينبغي لمن حلق عانته ، أن يواري الشعر ، لئلا ينظر إليه أحد . وفي فتاوى
البغوي : أنه لو أبين شعر الأمة أو ظفرها ، ثم عتقت ، ينبغي أن يجوز النظر إليه وإن قلنا : إن المبان كالمتصل ، لأنه حين انفصل لم يكن عورة ، والعتق لا يتعدى إلى المنفصل .
فرع
يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=19343للزوج النظر إلى جميع بدن زوجته غير الفرج . وفي الفرج وجهان . أحدهما : يحرم . وأصحهما : لا ، لكن يكره . وباطن الفرج أشد كراهة ، ويكره للإنسان نظره إلى فرج نفسه بلا حاجة ،
nindex.php?page=treesubj&link=19343_26849ونظر السيد إلى أمته التي يجوز استمتاعه بها كنظر الزوج إلى زوجته ، سواء كانت قنة ، أو مدبرة ، أو مستولدة ، أو عرض مانع قريب الزوال كالحيض والرهن ، فإن كانت مرتدة ، أو مجوسية ، أو وثنية ، أو مزوجة ، أو مكاتبة ، أو مشتركة بينه وبين غيره ، حرم نظره إلى ما بين السرة والركبة ، ولا يحرم ما زاد على الصحيح . وزوجته المعتدة عن وطء أجنبي بشبهة ، كالمكاتبة .
nindex.php?page=treesubj&link=19343ونظر الزوجة إلى زوجها كنظره إليها . وقيل : يجوز نظرها إلى فرجه قطعا .
قلت : ونظرها إلى سيدها كنظره إليها . - والله أعلم - .
فرع
حيث حرم النظر ، حرم المس بطريق الأولى ، لأنه أبلغ لذة ، فيحرم على الرجل دلك فخذ رجل بلا حائل . فإن كان ذلك فوق إزار جاز إذا لم يخف فتنة .
[ ص: 28 ] وقد يحرم المس دون النظر ، فيحرم
nindex.php?page=treesubj&link=19384مس وجه الأجنبية وإن جاز النظر ، ومس كل ما جاز النظر إليه من المحارم والإماء ، بل لا يجوز للرجل مس بطن أمه ولا ظهرها ، ولا أن يغمز ساقها ولا رجلها ، ولا أن يقبل وجهها ، حكاه
العبادي عن
القفال . قال : وكذا لا يجوز للرجل أن يأمر ابنته أو أخته بغمز رجله . وعن القاضي
حسين أنه كان يقول : العجائز اللاتي يكحلن الرجال يوم عاشوراء مرتكبات للحرام .
فرع
لا يجوز أن
nindex.php?page=treesubj&link=24472يضاجع الرجل الرجل ، ولا المرأة المرأة وإن كان كل واحد في جانب من الفراش ، وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=24473بلغ الصبي أو الصبية عشر سنين ، وجب التفريق بينه وبين أمه وأبيه وأخته وأخيه في المضجع .
فرع
يستحب
nindex.php?page=treesubj&link=19378مصافحة الرجل الرجل ، والمرأة المرأة . قال
البغوي : وتكره
nindex.php?page=treesubj&link=18157_18162المعانقة والتقبيل ، إلا تقبيل الولد شفقة . وقال
أبو عبد الله الزبيري : لا بأس أن
nindex.php?page=treesubj&link=18160يقبل الرجل رأس الرجل وما بين عينيه ، عند قدومه من سفره أو تباعد لقائه .
قلت : المختار أن تقبيل يد غيره إن كان لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه وصيانته ، ونحو ذلك من الأمور الدينية ، فهو مستحب . وإن كان لغناه ودنياه وشوكته ووجاهته عند أهل الدنيا ونحو ذلك ، فمكروه . وقال
المتولي في باب صلاة الجمعة : لا يجوز .
nindex.php?page=treesubj&link=18162وتقبيل الصغار شفقة سنة ، سواء ولده وولد غيره إذا لم يكن بشهوة . والسنة معانقة القادم من سفر وتقبيله . ولا بأس
nindex.php?page=treesubj&link=25357بتقبيل وجه الميت الصالح ، ويكره حني الظهر في كل حال لكل أحد ، ولا بأس بالقيام لأهل الفضل ،
[ ص: 29 ] بل هو مستحب للاحترام ، لا للرياء والإعظام ، وقد ثبتت أحاديث صحيحة بكل ما ذكرته ، وقد أوضحتها مبسوطة في ( كتاب السلام ) من ( كتاب الأذكار ) ، وهو مما لا يستغني متدين عن مثله ، وفي ( كتاب الترخيص في القيام ) . - والله أعلم - .
فرع
nindex.php?page=treesubj&link=24004الخنثى المشكل فيه وجهان . أصحهما : الأخذ بالأشد ، فيجعل مع النساء رجلا ، ومع الرجال امرأة . والثاني : الجواز ، قاله
القفال ، استصحابا لحكم الصغر .
قلت : قطع
الفوراني والمتولي بالثاني ،
وإبراهيم المروذي ، ونقله
المروذي عن القاضي . - والله أعلم - .
الْفَصْلُ الثَّالِثُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10836_19329أَحْكَامِ النَّظَرِ .
جَرَتِ الْعَادَةُ بِذِكْرِهِ هُنَا ، وَلَهُ حَالَانِ . أَحَدُهُمَا : أَنْ لَا تَمَسَّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ . وَالثَّانِي : أَنْ تَمَسَّ .
وَ [ الْحَالُ ] الْأَوَّلُ : أَرْبَعَةُ أَضْرُبٍ ، نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى الْمَرْأَةِ ، وَعَكْسُهُ ، وَالرَّجُلِ إِلَى الرَّجُلِ ، وَالْمَرْأَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ .
[ الضَّرْبُ ] الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=10837_19329نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى الْمَرْأَةِ ، فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ إِلَى عَوْرَتِهَا مُطْلَقًا ، وَإِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا إِنْ خَافَ فِتْنَةً . وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ، فَوَجْهَانِ ، قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَا سِيَّمَا الْمُتَقَدِّمُونَ : لَا يَحْرُمُ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا )
[ الْأَحْزَابِ : 31 ] وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ، لَكِنْ يُكْرَهُ ، قَالَهُ الشَّيْخُ
أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ . وَالثَّانِي : يَحْرُمُ ، قَالَهُ
الِاصْطَخْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12094وَأَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ ، وَاخْتَارَهُ
الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ ، وَالْإِمَامُ ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ ( الْمُهَذَّبِ )
nindex.php?page=showalam&ids=14396وَالرُّويَانِيُّ ، وَوَجَّهَهُ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ مِنَ الْخُرُوجِ سَافِرَاتٍ ، وَبِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ ، وَهُوَ مُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ ، فَاللَّائِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرْعِ ، سَدُّ الْبَابِ فِيهِ ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَحْوَالِ ، كَالْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ . ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْكَفِّ ، الْيَدُ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إِلَى الْمِعْصَمِ . وَفِي وَجْهٍ : يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالرَّاحَةِ . وَأَمَّا أَخْمَصَا الْقَدَمَيْنِ ، فَعَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ . وَصَوْتُهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ ، لَكِنْ يَحْرُمُ الْإِصْغَاءُ إِلَيْهِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ . وَإِذَا قَرَعَ بَابَهَا ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُجِيبَ بِصَوْتٍ رَخِيمٍ ، بَلْ تُغَلِّظُ صَوْتَهَا .
قُلْتُ : هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10835_25277تَغْلِيظِ صَوْتِهَا ، كَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا . قَالَ
إِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ : طَرِيقُهَا أَنْ تَأْخُذَ ظَهْرَ كَفِّهَا بِفِيهَا وَتُجِيبَ كَذَلِكَ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
[ ص: 22 ] هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ النَّاظِرُ بَالِغًا فَحْلًا ، وَالْمَنْظُورُ إِلَيْهَا حُرَّةً كَبِيرَةً أَجْنَبِيَّةً . ثُمَّ الْكَلَامُ فِي سِتِّ صُوَرٍ .
إِحْدَاهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=18205_10837_28370الطِّفْلُ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ، لَا حِجَابَ مِنْهُ . وَفِي الْمُرَاهِقِ وَجْهَانِ . أَحَدُهُمَا : لَهُ النَّظَرُ ، كَمَا لَهُ الدُّخُولُ بِلَا اسْتِئْذَانٍ إِلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ ، فَعَلَى هَذَا ، نَظَرُهُ كَنَظَرِ الْمَحَارِمِ الْبَالِغِينَ . وَأَصَحُّهُمَا : أَنَّ نَظَرَهُ كَنَظَرِ الْبَالِغِ إِلَى الْأَجْنَبِيَّةِ ، لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ . وَنَزَّلَ الْإِمَامُ أَمْرَ الصَّبِيِّ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ . إِحْدَاهَا : أَنْ لَا يَبْلُغَ أَنْ يَحْكِيَ مَا يَرَى . وَالثَّانِيَةُ : يَبْلُغُهُ وَيَكُونُ فِيهِ ثَوَرَانُ شَهْوَةٍ وَتَشَوُّفٌ . وَالثَّالِثَةُ : أَنْ يَكُونَ فِيهِ ذَلِكَ . فَالْأَوَّلُ حُضُورُهُ كَغَيْبَتِهِ ، وَيَجُوزُ التَّكَشُّفُ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ . وَالثَّانِي : كَالْمَحْرَمِ . وَالثَّالِثُ : كَالْبَالِغِ . وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ ، وَإِذَا جَعَلْنَاهُ كَالْبَالِغِ ، فَمَعْنَاهُ يَلْزَمُ الْمَنْظُورَ إِلَيْهَا الِاحْتِجَابُ مِنْهُ ، كَمَا يَلْزَمُهَا الِاحْتِجَابُ مِنَ الْمَجْنُونِ قَطْعًا .
قُلْتُ : وَإِذَا جَعَلْنَا الصَّبِيَّ كَالْبَالِغِ ، لَزِمَ الْوَلِيَّ أَنْ يَمْنَعَهُ النَّظَرَ ، كَمَا يَلْزَمُ أَنْ يَمْنَعَهُ الزِّنَا وَسَائِرَ الْمُحَرَّمَاتِ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=26596فِي الْمَمْسُوحِ وَجْهَانِ . قَالَ الْأَكْثَرُونَ : نَظَرُهُ إِلَى الْأَجْنَبِيَّةِ ، كَنَظَرِ الْفَحْلِ إِلَى الْمَحَارِمِ ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ )
[ الْأَحْزَابِ : 31 ] . وَالثَّانِي : أَنَّهُ كَالْفَحْلِ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ ، لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا .
[ ص: 23 ] قُلْتُ : وَالْمُخْتَارُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10837_28995تَفْسِيرِ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ أَنَّهُ الْمُغَفَّلُ فِي عَقْلِهِ الَّذِي لَا يَكْتَرِثُ لِلنِّسَاءِ وَلَا يَشْتَهِيهِنَّ ، كَذَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
وَأَمَّا الْمَجْبُوبُ الَّذِي بَقِيَ أُنْثَيَاهُ ، وَالْخَصِيُّ الَّذِي بَقِيَ ذَكَرُهُ ، وَالْعِنِّينُ ، وَالْمُخَنَّثُ وَهُوَ الْمُشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ ، وَالشَّيْخُ الْهِمُّ ، فَكَالْفَحْلِ ، كَذَا أَطْلَقَ الْأَكْثَرُونَ . وَقَالَ فِي الشَّامِلِ : لَا يَحِلُّ لِلْخَصِيِّ النَّظَرُ ، إِلَّا أَنْ يَكْبُرَ وَيَهْرَمَ وَتَذْهَبَ شَهْوَتُهُ ، وَكَذَا الْمُخَنَّثُ . وَأَطْلَقَ
أَبُو مُخَلَّدٍ الْبَصْرِيُّ الْمُتَأَخِّرُ فِي الْخَصِيِّ وَالْمُخَنَّثِ وَجْهَيْنِ .
قُلْتُ : هَذَا الْمَذْكُورُ عَنِ الشَّامِلِ قَالَهُ شَيْخُهُ الْقَاضِي
أَبُو الطَّيِّبِ ، وَصَرَّحَ بِأَنَّ الشَّيْخَ الَّذِي ذَهَبَتْ شَهْوَتُهُ ، يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ ) . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=26849مَمْلُوكُ الْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ لَهَا عَلَى الْأَصَحِّ ( عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ ) .
قُلْتُ : وَهُوَ الْمَنْصُوصُ ، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ، قَالَ
الْقَاضِي حُسَيْنٍ : فَإِنْ كَاتَبَتْهُ ، فَلَيْسَ بِمَحْرَمٍ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
الرَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=10837إِذَا كَانَ الْمَنْظُورُ إِلَيْهَا أَمَةً ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : أَصَحُّهَا فِيمَا ذَكَرَهُ
الْبَغَوِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14396وَالرُّويَانِيُّ : يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ، وَلَا يَحْرُمُ مَا سِوَاهُ ، لَكِنْ يُكْرَهُ . وَالثَّانِي : يَحْرُمُ مَا لَا يَبْدُو حَالَ الْمِهْنَةِ دُونَ غَيْرِهِ . وَالثَّالِثُ : أَنَّهَا كَالْحُرَّةِ ، وَهَذَا غَرِيبٌ لَا يَكَادُ يُوجَدُ لِغَيْرِ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيِّ .
قُلْتُ : قَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ ( الْبَيَانِ ) وَغَيْرُهُ ، بِأَنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى إِطْلَاقِ كَثِيرِينَ ، وَهُوَ أَرْجَحُ دَلِيلًا . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
[ ص: 24 ] الْخَامِسَةُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=19338النَّظَرِ إِلَى الصَّبِيَّةِ ، وَجْهَانِ . أَحَدُهُمَا : الْمَنْعُ . وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَوْرَتِهَا وَغَيْرِهَا ، لَكِنْ لَا يَنْظُرُ إِلَى الْفَرْجِ .
قُلْتُ : جَزَمَ
الرَّافِعِيُّ ، بِأَنَّهُ لَا يَنْظُرُ إِلَى فَرْجِ الصَّغِيرَةِ . وَنَقَلَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذَا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ قَطَعَ
الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِجَوَازِ النَّظَرِ إِلَى فَرْجِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى ، وَالصَّغِيرِ ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الصَّغِيرِ
إِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ . وَذَكَرَ
الْمُتَوَلِّي فِيهِ وَجْهَيْنِ ، وَقَالَ : الصَّحِيحُ الْجَوَازُ ، لِتَسَامُحِ النَّاسِ بِذَلِكَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، وَأَنَّ إِبَاحَةَ ذَلِكَ تَبْقَى إِلَى بُلُوغِهِ سِنَّ التَّمْيِيزِ ، وَمَصِيرُهُ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ سَتْرُ عَوْرَتِهِ عَنِ النَّاسِ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
وَأَمَّا الْعَجُوزُ ، فَأَلْحَقَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ بِالشَّابَّةِ ، لِأَنَّ الشَّهْوَةَ لَا تَنْضَبِطُ ، وَهِيَ مَحَلُّ الْوَطْءِ . وَقَالَ
الرُّويَانِيُّ : إِذَا بَلَغَتْ مَبْلَغًا يُؤْمَنُ الِافْتِتَانُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا ، جَازَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ ) الْآيَةَ [ النُّورِ : 6 ] .
السَّادِسَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=19344الْمَحْرَمُ لَا يَنْظُرُ إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ، وَلَهُ النَّظَرُ إِلَى مَا سِوَاهُ عَلَى الْمَذْهَبِ . وَفِي وَجْهٍ : أَنَّهُ يُبَاحُ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=19344وَهَلِ الثَّدْيُ زَمَنَ الْإِرْضَاعِ مِمَّا يَبْدُو ؟ وَجْهَانِ . وَسَوَاءٌ الْمُحَرَّمُ بِالنَّسَبِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ ، وَقِيلَ : لَا يَنْظُرُ بِالْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ إِلَّا إِلَى الْبَادِي فِي الْمِهْنَةِ . وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ .
قُلْتُ : وَيَجُوزُ لِلْمَحْرَمِ الْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ بِهَا . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
الضَّرْبُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=19337_24946نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى الرَّجُلِ ، وَهُوَ جَائِزٌ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ ، إِلَّا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ، لَكِنْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى الْأَمْرَدِ وَغَيْرِهِ بِالشَّهْوَةِ ، وَكَذَا النَّظَرُ إِلَى الْمَحَارِمِ وَسَائِرِ الْمَذْكُورَاتِ فِي الضَّرْبِ السَّابِقِ بِالشَّهْوَةِ حَرَامٌ قَطْعًا . وَلَا يَحْرُمُ
[ ص: 25 ] nindex.php?page=treesubj&link=19361النَّظَرُ إِلَى الْأَمْرَدِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ إِنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً ، وَإِنْ خَافَهَا ، حَرُمَ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَوْلِ الْأَكْثَرِينَ .
قُلْتُ : أَطْلَقَ صَاحِبُ ( الْمُهَذَّبِ ) وَغَيْرُهُ : أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى الْأَمْرَدِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ، وَنَقَلَهُ
الدَّارَكِيُّ عَنْ نَصِّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
الضَّرْبُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=25949نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ إِلَى الرَّجُلِ إِلَّا فِي شَيْئَيْنِ . أَحَدُهُمَا : حَكَى الْإِمَامُ وَجْهًا : أَنَّهَا كَالْمَحْرَمِ ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ . الثَّانِي : فِي نَظَرِ الذِّمِّيَّةِ إِلَى الْمُسْلِمَةِ وَجْهَانِ . أَصَحُّهُمَا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيِّ : كَالْمُسْلِمَةِ . وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ
الْبَغَوِيِّ : الْمَنْعُ . فَعَلَى هَذَا ، لَا تَدْخُلُ الذِّمِّيَّةُ الْحَمَّامَ مَعَ الْمُسْلِمَاتِ ، وَمَا الَّذِي تَرَاهُ مِنَ الْمُسْلِمَةِ ؟ قَالَ الْإِمَامُ : هِيَ كَالرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ . وَقِيلَ : تَرَى مَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ ، وَهَذَا أَشْبَهُ .
قُلْتُ : مَا صَحَّحَهُ
الْبَغَوِيُّ هُوَ الْأَصَحُّ أَوِ الصَّحِيحُ ، وَسَائِرُ الْكَافِرَاتِ كَالذِّمِّيَّةِ فِي هَذَا ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
الضَّرْبُ الرَّابِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=26139_10840نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى الرَّجُلِ ، وَفِيهِ أَوْجُهٌ . أَصَحُّهَا : لَهَا النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ إِلَّا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ . وَالثَّانِي : لَهَا نَظَرُ مَا يَبْدُو مِنْهُ فِي الْمِهْنَةِ فَقَطْ . وَالثَّالِثُ : لَا تَرَى مِنْهُ إِلَّا مَا يَرَى مِنْهَا .
قُلْتُ : هَذَا الثَّالِثُ ، هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ جَمَاعَةٍ ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ ( الْمُهَذَّبِ ) وَغَيْرُهُ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ) وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350753أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا ، أَلَيْسَ تُبْصِرَانِهِ " الْحَدِيثَ ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
[ ص: 26 ] وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=26139_10840نَظَرُهَا إِلَى مَحْرَمِهَا ، فَلَا يَحْرُمُ إِلَّا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُحَقِّقُونَ . وَقِيلَ : هُوَ كَنَظَرِهِ إِلَيْهَا ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا النَّظَرُ إِلَى الرَّجُلِ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ قَطْعًا . وَحَدِيثُ أَفَعَمْيَاوَانِ ، يُحْمَلُ عَلَى هَذَا أَوْ عَلَى الِاحْتِيَاطِ .
فَرْعٌ
nindex.php?page=treesubj&link=19330مَا لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ مُتَّصِلًا كَالذَّكَرِ وَسَاعِدِ الْحُرَّةِ وَشَعْرِ رَأْسِهَا وَشَعْرِ عَانَةِ الرَّجُلِ وَمَا أَشْبَهَهَا ، يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ عَلَى الْأَصَحِّ . وَقِيلَ : لَا ، وَقَالَ الْإِمَامُ احْتِمَالًا لِنَفْسِهِ : إِنْ لَمْ يَتَمَيَّزِ الْمُبَانُ مِنَ الْمَرْأَةِ بِصُورَتِهِ وَشَكْلِهِ عَمَّا لِلرَّجُلِ : كَالْقُلَامَةِ ، وَالشَّعْرِ ، وَالْجِلْدَةِ ، لَمْ يَحْرُمْ . وَإِنْ تَمَيَّزَ ، حَرُمَ .
قُلْتُ : مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ ، ضَعِيفٌ ، إِذْ لَا أَثَرَ لِلتَّمْيِيزِ ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ جُزْءٌ يَحْرُمُ نَظَرُهُ . وَعَلَى الْأَصَحِّ : يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى قُلَامَةِ رِجْلِهَا دُونَ قُلَامَةِ يَدِهَا ، وَيَدِهِ وَرِجْلِهِ . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
[ ص: 27 ] nindex.php?page=treesubj&link=26377وَيَنْبَغِي لِمَنْ حَلَقَ عَانَتَهُ ، أَنْ يُوَارِيَ الشَّعْرَ ، لِئَلَّا يَنْظُرَ إِلَيْهِ أَحَدٌ . وَفِي فَتَاوَى
الْبَغَوِيِّ : أَنَّهُ لَوْ أُبِينَ شَعْرُ الْأَمَةِ أَوْ ظُفُرُهَا ، ثُمَّ عَتَقَتْ ، يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ النَّظَرُ إِلَيْهِ وَإِنْ قُلْنَا : إِنَّ الْمُبَانَ كَالْمُتَّصِلِ ، لِأَنَّهُ حِينَ انْفَصَلَ لَمْ يَكُنْ عَوْرَةً ، وَالْعِتْقُ لَا يَتَعَدَّى إِلَى الْمُنْفَصِلِ .
فَرْعٌ
يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=19343لِلزَّوْجِ النَّظَرُ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِ زَوْجَتِهِ غَيْرَ الْفَرْجِ . وَفِي الْفَرْجِ وَجْهَانِ . أَحَدُهُمَا : يَحْرُمُ . وَأَصَحُّهُمَا : لَا ، لَكِنْ يُكْرَهُ . وَبَاطِنُ الْفَرْجِ أَشَدُّ كَرَاهَةً ، وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ نَظَرُهُ إِلَى فَرْجِ نَفْسِهِ بِلَا حَاجَةٍ ،
nindex.php?page=treesubj&link=19343_26849وَنَظَرُ السَّيِّدِ إِلَى أَمَتِهِ الَّتِي يَجُوزُ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا كَنَظَرِ الزَّوْجِ إِلَى زَوْجَتِهِ ، سَوَاءً كَانَتْ قِنَّةً ، أَوْ مُدَبَّرَةً ، أَوْ مُسْتَوْلَدَةً ، أَوْ عَرَضَ مَانِعٌ قَرِيبُ الزَّوَالِ كَالْحَيْضِ وَالرَّهْنِ ، فَإِنْ كَانَتْ مُرْتَدَّةً ، أَوْ مَجُوسِيَّةً ، أَوْ وَثَنِيَّةً ، أَوْ مُزَوَّجَةً ، أَوْ مُكَاتَبَةً ، أَوْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ، حَرُمَ نَظَرُهُ إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ، وَلَا يَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَى الصَّحِيحِ . وَزَوْجَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ ، كَالْمُكَاتَبَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=19343وَنَظَرُ الزَّوْجَةِ إِلَى زَوْجِهَا كَنَظَرِهِ إِلَيْهَا . وَقِيلَ : يَجُوزُ نَظَرُهَا إِلَى فَرْجِهِ قَطْعًا .
قُلْتُ : وَنَظَرُهَا إِلَى سَيِّدِهَا كَنَظَرِهِ إِلَيْهَا . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
فَرْعٌ
حَيْثُ حَرُمَ النَّظَرُ ، حَرُمَ الْمَسُّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ، لِأَنَّهُ أَبْلَغُ لَذَّةً ، فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ دَلْكُ فَخِذِ رَجُلٍ بِلَا حَائِلٍ . فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَوْقَ إِزَارٍ جَازَ إِذَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً .
[ ص: 28 ] وَقَدْ يَحْرُمُ الْمَسُّ دُونَ النَّظَرِ ، فَيَحْرُمُ
nindex.php?page=treesubj&link=19384مَسُّ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَإِنْ جَازَ النَّظَرُ ، وَمَسُّ كُلِّ مَا جَازَ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَحَارِمِ وَالْإِمَاءِ ، بَلْ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ مَسُّ بَطْنِ أُمِّهِ وَلَا ظَهْرِهَا ، وَلَا أَنْ يَغْمِزَ سَاقَهَا وَلَا رِجْلَهَا ، وَلَا أَنْ يُقَبِّلَ وَجْهَهَا ، حَكَاهُ
الْعَبَّادِيُّ عَنِ
الْقَفَّالِ . قَالَ : وَكَذَا لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْمُرَ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ بِغَمْزِ رِجْلِهِ . وَعَنِ الْقَاضِي
حُسَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : الْعَجَائِزُ اللَّاتِي يُكَحِّلْنَ الرِّجَالَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مُرْتَكِبَاتٌ لِلْحَرَامِ .
فَرْعٌ
لَا يَجُوزُ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24472يُضَاجِعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ ، وَلَا الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي جَانِبٍ مِنَ الْفِرَاشِ ، وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=24473بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوِ الصَّبِيَّةُ عَشْرَ سِنِينَ ، وَجَبَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ وَأَبِيهِ وَأُخْتِهِ وَأَخِيهِ فِي الْمَضْجَعِ .
فَرْعٌ
يُسْتَحَبُّ
nindex.php?page=treesubj&link=19378مُصَافَحَةُ الرَّجُلِ الرَّجُلَ ، وَالْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ . قَالَ
الْبَغَوِيُّ : وَتُكْرَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=18157_18162الْمُعَانَقَةُ وَالتَّقْبِيلُ ، إِلَّا تَقْبِيلَ الْوَلَدِ شَفَقَةً . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ : لَا بَأْسَ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=18160يُقَبِّلَ الرَّجُلُ رَأْسَ الرَّجُلِ وَمَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ تَبَاعُدِ لِقَائِهِ .
قُلْتُ : الْمُخْتَارُ أَنَّ تَقْبِيلَ يَدِ غَيْرِهِ إِنْ كَانَ لِزُهْدِهِ وَصَلَاحِهِ أَوْ عِلْمِهِ أَوْ شَرَفِهِ وَصِيَانَتِهِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ ، فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ . وَإِنْ كَانَ لِغِنَاهُ وَدُنْيَاهُ وَشَوْكَتِهِ وَوَجَاهَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَمَكْرُوهٌ . وَقَالَ
الْمُتَوَلِّي فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ : لَا يَجُوزُ .
nindex.php?page=treesubj&link=18162وَتَقْبِيلُ الصِّغَارِ شَفَقَةً سُنَّةٌ ، سَوَاءٌ وَلَدُهُ وَوَلَدُ غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِشَهْوَةٍ . وَالسُّنَّةُ مُعَانَقَةُ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ وَتَقْبِيلُهُ . وَلَا بَأْسَ
nindex.php?page=treesubj&link=25357بِتَقْبِيلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ ، وَيُكْرَهُ حَنْيُ الظَّهْرِ فِي كُلِّ حَالٍ لِكُلِّ أَحَدٍ ، وَلَا بَأْسَ بِالْقِيَامِ لِأَهْلِ الْفَضْلِ ،
[ ص: 29 ] بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ لِلِاحْتِرَامِ ، لَا لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ ، وَقَدْ ثَبَتَتْ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ بِكُلِّ مَا ذَكَرْتُهُ ، وَقَدْ أَوْضَحْتُهَا مَبْسُوطَةً فِي ( كِتَابِ السَّلَامِ ) مِنْ ( كِتَابِ الْأَذْكَارِ ) ، وَهُوَ مِمَّا لَا يَسْتَغْنِي مُتَدَيِّنٌ عَنْ مِثْلِهِ ، وَفِي ( كِتَابِ التَّرْخِيصِ فِي الْقِيَامِ ) . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
فَرْعٌ
nindex.php?page=treesubj&link=24004الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِيهِ وَجْهَانِ . أَصَحُّهُمَا : الْأَخْذُ بِالْأَشَدِّ ، فَيُجْعَلُ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلًا ، وَمَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً . وَالثَّانِي : الْجَوَازُ ، قَالَهُ
الْقَفَّالُ ، اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الصِّغَرِ .
قُلْتُ : قَطَعَ
الْفُورَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي بِالثَّانِي ،
وإِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ ، وَنَقَلَهُ
الْمَرُّوذِيُّ عَنِ الْقَاضِي . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .