الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ويعدل بين الخصمين في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه إلا أن يكون أحدهما كافرا ، فيقدم المسلم عليه في الدخول ، ويرفعه في الجلوس . وقيل : يسوي بينهما . ولا يسار أحدهما ، ولا يلقنه حجته ، ولا يعلمه كيف يدعي في أحد الوجهين ، وفي الآخر يجوز له تحرير الدعوى له إذا لم يحسن تحريرها . وله أن يشفع إلى خصمه لينظره ، أو ليضع عنه ، أو يزن عنه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ويعدل بين الخصمين ) لزوما في الأصح ، ( في لحظه ولفظه ومجلسه والدخول عليه ) لما روى عمرو بن أبي شيبة في كتاب " قضاء البصرة " عن أم سلمة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لفظه وإشارته ومقعده ، ولا يرفعن صوته على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر " . وكتب عمر إلى أبي موسى : واس بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك ، حتى لا ييأس الضعيف من عدلك ، ولا يطمع الشريف في حيفك . رواه الدارقطني من رواية عبد الله بن أبي حميد الهذلي ، وهو واه . ولأنه ربما لم [ ص: 35 ] يفهم حجته فيؤدي إلى ظلمه وانكسار قلبه ، وقدم في " الرعاية " : أن ذلك يسن . ( إلا أن يكون أحدهما كافرا فيقدم المسلم عليه في الدخول ، ويرفعه في الجلوس ) هذا هو الأشهر . لما روى حكيم بن حزام ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، قال : وجد علي درعه مع يهودي ، فقال : درعي سقطت وقت كذا . فقال اليهودي : درعي في يدي ، وبيني وبينك قاضي المسلمين . فارتفعا إلى شريح فلما رآه شريح قام من مجلسه وأجلسه في موضعه ، وجلس مع اليهودي بين يديه ، فقال علي : لو كان خصمي مسلما لجلست معه بين يديك ، ولكن سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تساووهم في المجلس . وإسناده فيه ضعف . وإظهارا لشرف الإسلام . ( وقيل يسوي بينهما ) لأن العدل يقتضي ذلك كالمسلمين . قال ابن المنجا : والأول أولى لحديث علي ، وهو واجب التقديم لأنه خاص ، والخاص يجب تقديمه . وفي " المحرر " : يفضل عليه دخولا ، وأما جلوسا فعلى وجهين . ( ولا يسار أحدهما ) لما فيه من كسر قلب صاحبه ، وربما أدى إلى ضعفه عن إقامة حجته . ( ولا يلقنه حجته ) لأن عليه أن يعدل بينهما ، ولما فيه من الضرر على صاحبه ولا يضيفه ، لما روي عن علي أنه نزل به رجل فقال : ألك خصم ؛ قال : نعم . قال : تحول عنا ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا تضيفوا أحد الخصمين إلا ومعه خصمه . وفي " الكافي " : لا ينبغي ذلك . ( ولا يعلمه كيف يدعي في أحد الوجهين ) وهو المذهب ، لما فيه من الإعانة على خصمه وكسر قلبه ( وفي الآخر : [ ص: 36 ] يجوز له تحرير الدعوى له إذا لم يحسن تحريرها ) لأنه لا ضرر على خصمه في ذلك ، ولأن في ترك تعليمه تسببا إلى تأخير حقه ، وعدم الفصل بينه وبين غريمه . وفي " مختصر ابن رزين " : يسوي بين خصمين في مجلسه ، ولحظه ولفظه ، ولو ذميا في وجه . فرع : ما لزم ذكره في الدعوى من شرط أو سبب أو غيرهما إذا لم يذكره أن الحاكم يسأل عنه ليذكره ويحرره ، ذكره في " المحرر " و " الوجيز " وغيرهما . ( وله أن يشفع إلى خصمه لينظره ، أو يضع عنه ، أو يزن عنه ) كذا في " الكافي " و " الشرح " و " الوجيز " ، لما روى سعيد ، ثنا ابن المبارك ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، أن معاذا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلمه ليكلم غرماءه ، فلو تركوا الأخذ لتركوا لمعاذ لأجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . مرسل جيد . ونقل حنبل أن كعب بن مالك تقاضى ابن أبي حدرد دينا عليه ، وأشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده أن ضع الشطر من دينك . قال : قد فعلت . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : قم فاعطه . قال أحمد : هذا حكم من النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال ابن حمدان : يحتمل منع وزنه عنه . وفي سؤال الوضع عنه رواية ، ذكرها في " المحرر " و " الرعاية " . فرع : إذا سلم أحدهما رد عليه . وفي " الترغيب " : يصبر ليرد عليهما معا إلا أن يتمادى عرفا . وقيل : يكره قيامه لهما . نقل عبد الله : سنة القاضي أن يجلس الخصمان بين يديه لأمره - عليه السلام - بذلك .




                                                                                                                          الخدمات العلمية