فصل
وإذا ثبت أنه لا بد من أخذ العلم عن أهله ، فلذلك طريقان : أحدهما :
nindex.php?page=treesubj&link=32090المشافهة ، وهي أنفع الطريقين وأسلمهما ؛ لوجهين :
الأول : خاصية جعلها الله تعالى بين المعلم والمتعلم يشهدها كل من زاول العلم والعلماء ، فكم من مسألة يقرؤها المتعلم في كتاب ، ويحفظها ، ويرددها على قلبه فلا يفهمها ; فإذا ألقاها إليه المعلم فهمها بغتة ، وحصل له العلم بها بالحضرة ، وهذا الفهم يحصل إما بأمر عادي من قرائن أحوال ، وإيضاح موضع إشكال لم يخطر للمتعلم ببال ، وقد يحصل بأمر غير معتاد ، ولكن بأمر يهبه الله لمتعلم عند مثوله بين يدي المعلم ، ظاهر الفقر ، بادي الحاجة إلى ما يلقى إليه .
وهذا ليس ينكر ; فقد نبه عليه الحديث الذي جاء : إن الصحابة أنكروا أنفسهم عندما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وحديث
حنظلة الأسيدي حين شكا إلى
[ ص: 146 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم إذا كانوا عنده وفي مجلسه كانوا على حالة يرضونها ، فإذا فارقوا مجلسه زال ذلك عنهم ; فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337347لو أنكم تكونون كما تكونون عندي ; لأظلتكم الملائكة بأجنحتها .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : " وافقت ربي في ثلاث " ، وهي من
nindex.php?page=treesubj&link=32090فوائد [ ص: 147 ] مجالسة العلماء ; إذ يفتح للمتعلم بين أيديهم ما لا يفتح له دونهم ، ويبقى ذلك النور لهم بمقدار ما بقوا في متابعة معلمهم ، وتأدبهم معه ، واقتدائهم به ، فهذا الطريق نافع على كل تقدير .
وقد كان المتقدمون لا يكتب منهم إلا القليل ، وكانوا يكرهون ذلك ، وقد كرهه
مالك ; فقيل له : فما نصنع ؟ قال : تحفظون وتفهمون حتى تستنير قلوبكم ، ثم لا تحتاجون إلى الكتابة ، وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب كراهية الكتابة ، وإنما ترخص الناس في ذلك عندما حدث النسيان ، وخيف على الشريعة الاندراس .
الطريق الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=33972_32124مطالعة كتب المصنفين ، ومدوني الدواوين ، وهو أيضا
نافع في بابه ; بشرطين : الأول : أن يحصل له من فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب ، ومعرفة اصطلاحات أهله ما يتم له به النظر في الكتب ، وذلك يحصل بالطريق الأول من مشافهة العلماء أو مما هو راجع إليه ، وهو معنى قول من قال : " كان العلم
[ ص: 148 ] في صدور الرجال ، ثم انتقل إلى الكتب ، ومفاتحه بأيدي الرجال " ، والكتب وحدها لا تفيد الطالب منها شيئا دون فتح العلماء ، وهو مشاهد معتاد .
والشرط الآخر : أن يتحرى كتب المتقدمين من أهل العلم المراد ; فإنهم أقعد به من غيرهم من المتأخرين ، وأصل ذلك التجربة ، والخبر .
أما التجربة ; فهو أمر مشاهد في أي علم كان ; فالمتأخر لا يبلغ من
[ ص: 149 ] الرسوخ في علم ما يبلغه المتقدم ، وحسبك من ذلك أهل كل علم عملي أو نظري ، فأعمال المتقدمين في إصلاح دنياهم ودينهم على خلاف أعمال المتأخرين ، وعلومهم في التحقيق أقعد ، فتحقق الصحابة بعلوم الشريعة ليس كتحقق التابعين ، والتابعون ليسوا كتابعيهم ، وهكذا إلى الآن ، ومن طالع سيرهم ، وأقوالهم ، وحكاياتهم أبصر العجب في هذا المعنى .
وأما الخبر ففي الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337348خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، وفي هذا إشارة إلى أن كل قرن مع ما بعده كذلك ; وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337349أول دينكم نبوة ورحمة ، ثم ملك ورحمة ، ثم ملك وجبرية ، ثم ملك عضوض . ولا يكون هذا إلا مع قلة الخير ، وتكاثر الشر شيئا بعد
[ ص: 150 ] شيء ، ويندرج ما نحن فيه تحت الإطلاق .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ; أنه قال : " ليس عام إلا الذي بعده شر منه ، لا أقول عام أمطر من عام ، ولا عام أخصب من عام ، ولا أمير خير من أمير ، ولكن ذهاب خياركم ، وعلمائكم ، ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم ، فيهدم الإسلام ، ويثلم " .
[ ص: 151 ] ومعناه موجود في [ الصحيح ] في قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337350ولكن ينتزعه مع قبض العلماء بعلمهم ; فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم ، فيضلون ويضلون .
وقال عليه السلام
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337351إن الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء . قيل : من الغرباء ؟ قال : النزاع من القبائل .
وفي رواية : قيل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337352ومن الغرباء يا رسول الله . قال : الذين يصلحون عند فساد الناس [ ص: 152 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11811أبي إدريس الخولاني : " إن للإسلام عرى يتعلق الناس بها ، وإنها تمتلخ عروة عروة " .
وعن بعضهم : " تذهب السنة سنة سنة ، كما يذهب الحبل قوة قوة " .
وتلا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إذا جاء نصر الله والفتح الآية [ النصر : 1 ] .
ثم قال : " والذي نفسي بيده ليخرجن من دين الله أفواجا كما دخلوا فيه أفواجا " .
[ ص: 153 ] وعن
عبد الله ; قال : " أتدرون كيف ينقص الإسلام ؟ قالوا : نعم ، كما ينقص صبغ الثوب ، وكما ينقص سمن الدابة . فقال
عبد الله : ذلك منه " .
ولما نزل قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم [ المائدة : 3 ] بكى عمر فقال عليه السلام [ له ] : ما يبكيك ؟ قال : يا رسول الله ! إنا كنا في زيادة من ديننا ، فأما إذا كمل ; فلم يكمل شيء قط إلا نقص . فقال عليه السلام : صدقت .
والأخبار هنا كثيرة ، وهي تدل على
nindex.php?page=treesubj&link=32125نقص الدين والدنيا ، وأعظم ذلك العلم ; فهو إذا في نقص بلا شك .
فلذلك صارت كتب المتقدمين وكلامهم وسيرهم - أنفع لمن أراد الأخذ بالاحتياط في العلم ، على أي نوع كان ، وخصوصا علم الشريعة الذي هو
[ ص: 154 ] العروة الوثقى ، والوزر الأحمى ، وبالله تعالى التوفيق .
فَصْلٌ
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَخْذِ الْعِلْمِ عَنْ أَهْلِهِ ، فَلِذَلِكَ طَرِيقَانِ : أَحَدُهُمَا :
nindex.php?page=treesubj&link=32090الْمُشَافَهَةُ ، وَهِيَ أَنْفَعُ الطَّرِيقَيْنِ وَأَسْلَمُهُمَا ؛ لِوَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : خَاصِّيَّةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ يَشْهَدُهَا كُلُّ مَنْ زَاوَلَ الْعِلْمَ وَالْعُلَمَاءُ ، فَكَمْ مِنْ مَسْأَلَةٍ يَقْرَؤُهَا الْمُتَعَلِّمُ فِي كِتَابٍ ، وَيَحْفَظُهَا ، وَيُرَدِّدُهَا عَلَى قَلْبِهِ فَلَا يَفْهَمُهَا ; فَإِذَا أَلْقَاهَا إِلَيْهِ الْمُعَلِّمُ فَهِمَهَا بَغْتَةً ، وَحَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِهَا بِالْحَضْرَةِ ، وَهَذَا الْفَهْمُ يَحْصُلُ إِمَّا بِأَمْرٍ عَادِيٍّ مِنْ قَرَائِنِ أَحْوَالٍ ، وَإِيضَاحِ مَوْضِعِ إِشْكَالٍ لَمْ يَخْطُرْ لِلْمُتَعَلِّمِ بِبَالٍ ، وَقَدْ يَحْصُلُ بِأَمْرٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ ، وَلَكِنْ بِأَمْرٍ يَهَبُهُ اللَّهُ لِمُتَعَلِّمٍ عِنْدَ مُثُولِهِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُعَلِّمِ ، ظَاهِرَ الْفَقْرِ ، بَادِيَ الْحَاجَةِ إِلَى مَا يُلْقَى إِلَيْهِ .
وَهَذَا لَيْسَ يُنْكَرُ ; فَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ : إِنَّ الصَّحَابَةَ أَنْكَرُوا أَنْفُسَهُمْ عِنْدَمَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَحَدِيثُ
حَنْظَلَةَ الْأُسَيْدِيِّ حِينَ شَكَا إِلَى
[ ص: 146 ] رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا عِنْدَهُ وَفِي مَجْلِسِهِ كَانُوا عَلَى حَالَةٍ يَرْضَوْنَهَا ، فَإِذَا فَارَقُوا مَجْلِسَهُ زَالَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ; فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337347لَوْ أَنَّكُمْ تَكُونُونَ كَمَا تَكُونُونَ عِنْدِي ; لَأَظَلَّتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : " وَافَقْتُ رَبِي فِي ثَلَاثٍ " ، وَهِيَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=32090فَوَائِدِ [ ص: 147 ] مُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ ; إِذْ يُفْتَحُ لِلْمُتَعَلِّمِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مَا لَا يُفْتَحُ لَهُ دُونَهُمْ ، وَيَبْقَى ذَلِكَ النُّورُ لَهُمْ بِمِقْدَارِ مَا بَقُوا فِي مُتَابَعَةِ مُعَلِّمِهِمْ ، وَتَأَدُّبِهِمْ مَعَهُ ، وَاقْتِدَائِهِمْ بِهِ ، فَهَذَا الطَّرِيقُ نَافِعٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ .
وَقَدْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُونَ لَا يَكْتُبُ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ ، وَكَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ ، وَقَدْ كَرِهَهُ
مَالِكٌ ; فَقِيلَ لَهُ : فَمَا نَصْنَعُ ؟ قَالَ : تَحْفَظُونَ وَتَفْهَمُونَ حَتَّى تَسْتَنِيرَ قُلُوبُكُمْ ، ثُمَّ لَا تَحْتَاجُونَ إِلَى الْكِتَابَةِ ، وَحُكِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَرَاهِيَةُ الْكِتَابَةِ ، وَإِنَّمَا تَرَخَّصَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ عِنْدَمَا حَدَثَ النِّسْيَانُ ، وَخِيفَ عَلَى الشَّرِيعَةِ الِانْدِرَاسُ .
الطَّرِيقُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=33972_32124مُطَالَعَةُ كُتُبِ الْمُصَنِّفِينَ ، وَمُدَوِّنِي الدَّوَاوِينَ ، وَهُوَ أَيْضًا
نَافِعٌ فِي بَابِهِ ; بِشَرْطَيْنِ : الْأَوَّلُ : أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مِنْ فَهْمِ مَقَاصِدِ ذَلِكَ الْعِلْمِ الْمَطْلُوبِ ، وَمَعْرِفَةِ اصْطِلَاحَاتِ أَهْلِهِ مَا يَتِمُّ لَهُ بِهِ النَّظَرُ فِي الْكُتُبِ ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ مِنْ مُشَافَهَةِ الْعُلَمَاءِ أَوْ مِمَّا هُوَ رَاجِعٌ إِلَيْهِ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ : " كَانَ الْعِلْمُ
[ ص: 148 ] فِي صُدُورِ الرِّجَالِ ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الْكُتُبِ ، وَمَفَاتِحُهُ بِأَيْدِي الرِّجَالِ " ، وَالْكُتُبُ وَحْدَهَا لَا تُفِيدُ الطَّالِبَ مِنْهَا شَيْئًا دُونَ فَتْحِ الْعُلَمَاءِ ، وَهُوَ مُشَاهَدٌ مُعْتَادٌ .
وَالشَّرْطُ الْآخَرُ : أَنْ يَتَحَرَّى كُتُبَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمُرَادِ ; فَإِنَّهُمْ أَقْعَدُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ، وَأَصْلُ ذَلِكَ التَّجْرِبَةُ ، وَالْخَبَرُ .
أَمَّا التَّجْرِبَةُ ; فَهُوَ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ فِي أَيِّ عِلْمٍ كَانَ ; فَالْمُتَأَخِّرُ لَا يَبْلُغُ مِنَ
[ ص: 149 ] الرُّسُوخِ فِي عِلْمٍ مَا يَبْلُغُهُ الْمُتَقَدِّمُ ، وَحَسْبُكَ مِنْ ذَلِكَ أَهْلُ كُلِّ عِلْمٍ عَمَلِيٍّ أَوْ نَظَرِيٍّ ، فَأَعْمَالُ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي إِصْلَاحِ دُنْيَاهُمْ وَدِينِهِمْ عَلَى خِلَافِ أَعْمَالِ الْمُتَأَخِّرِينَ ، وَعُلُومُهُمْ فِي التَّحْقِيقِ أَقْعَدُ ، فَتَحَقُّقُ الصَّحَابَةِ بِعُلُومِ الشَّرِيعَةِ لَيْسَ كَتَحَقُّقِ التَّابِعِينَ ، وَالتَّابِعُونَ لَيْسُوا كَتَابِعِيهِمْ ، وَهَكَذَا إِلَى الْآنِ ، وَمَنْ طَالَعَ سِيَرَهُمْ ، وَأَقْوَالَهُمْ ، وَحِكَايَاتِهِمْ أَبْصَرَ الْعَجَبَ فِي هَذَا الْمَعْنَى .
وَأَمَّا الْخَبَرُ فَفِي الْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337348خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ كُلَّ قَرْنٍ مَعَ مَا بَعْدَهُ كَذَلِكَ ; وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337349أَوَّلُ دِينِكُمْ نُبُوَّةٌ وَرَحْمَةٌ ، ثُمَّ مُلْكٌ وَرَحْمَةٌ ، ثُمَّ مُلْكٌ وَجَبْرِيَّةٌ ، ثُمَّ مُلْكٌ عَضُوضٌ . وَلَا يَكُونُ هَذَا إِلَّا مَعَ قِلَّةِ الْخَيْرِ ، وَتَكَاثُرِ الشَّرِّ شَيْئًا بَعْدَ
[ ص: 150 ] شَيْءٍ ، وَيَنْدَرِجُ مَا نَحْنُ فِيهِ تَحْتَ الْإِطْلَاقِ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ; أَنَّهُ قَالَ : " لَيْسَ عَامٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ ، لَا أَقُولُ عَامٌ أَمْطَرُ مِنْ عَامٍ ، وَلَا عَامٌ أَخْصَبُ مِنْ عَامٍ ، وَلَا أَمِيرٌ خَيْرٌ مِنْ أَمِيرٍ ، وَلَكِنْ ذَهَابُ خِيَارِكُمْ ، وَعُلَمَائِكُمْ ، ثُمَّ يَحْدُثُ قَوْمٌ يَقِيسُونَ الْأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ ، فَيُهْدَمُ الْإِسْلَامُ ، وَيُثْلَمُ " .
[ ص: 151 ] وَمَعْنَاهُ مَوْجُودٌ فِي [ الصَّحِيحِ ] فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337350وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ ; فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ ، فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ .
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337351إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ . قِيلَ : مَنِ الْغُرَبَاءُ ؟ قَالَ : النُّزَّاعُ مِنَ الْقَبَائِلِ .
وَفِي رِوَايَةٍ : قِيلَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337352وَمَنِ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : الَّذِينَ يَصْلُحُونَ عِنْدَ فَسَادِ النَّاسِ [ ص: 152 ] وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11811أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ : " إِنَّ لِلْإِسْلَامِ عُرًى يَتَعَلَّقُ النَّاسُ بِهَا ، وَإِنَّهَا تَمْتَلِخُ عُرْوَةً عُرْوَةً " .
وَعَنْ بَعْضِهِمْ : " تَذْهَبُ السُّنَّةُ سُنَّةً سُنَّةً ، كَمَا يَذْهَبُ الْحَبْلُ قُوَّةً قُوَّةً " .
وَتَلَا
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ الْآيَةَ [ النَّصْرِ : 1 ] .
ثُمَّ قَالَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لِيَخْرُجُنَّ مِنْ دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا كَمَا دَخَلُوا فِيهِ أَفْوَاجًا " .
[ ص: 153 ] وَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ ; قَالَ : " أَتَدْرُونَ كَيْفَ يَنْقُصُ الْإِسْلَامُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، كَمَا يَنْقُصُ صِبْغُ الثَّوْبِ ، وَكَمَا يَنْقُصُ سِمَنُ الدَّابَّةِ . فَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ : ذَلِكَ مِنْهُ " .
وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [ الْمَائِدَةِ : 3 ] بَكَى عُمَرُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ [ لَهُ ] : مَا يُبْكِيكَ ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّا كُنَّا فِي زِيَادَةٍ مِنْ دِينِنَا ، فَأَمَّا إِذَا كَمُلَ ; فَلَمْ يَكْمُلْ شَيْءٌ قَطُّ إِلَّا نَقَصَ . فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : صَدَقْتَ .
وَالْأَخْبَارُ هُنَا كَثِيرَةٌ ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=32125نَقْصِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا ، وَأَعْظَمُ ذَلِكَ الْعِلْمُ ; فَهُوَ إِذًا فِي نَقْصٍ بِلَا شَكٍّ .
فَلِذَلِكَ صَارَتْ كُتُبُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَكَلَامُهُمْ وَسِيَرُهُمْ - أَنْفَعُ لِمَنْ أَرَادَ الْأَخْذَ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْعِلْمِ ، عَلَى أَيِّ نَوْعٍ كَانَ ، وَخُصُوصًا عِلْمَ الشَّرِيعَةِ الَّذِي هُوَ
[ ص: 154 ] الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى ، وَالْوِزْرُ الْأَحْمَى ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .