[ ص: 410 ] وإذ ذكر اصطلاح هذا الكتاب في الشرط فليذكر اصطلاحه في السبب والعلة والمانع .
فأما السبب فالمراد به : ، كما كان حصول النصاب سببا في وجوب الزكاة ، والزوال سببا في وجوب الصلاة ، والسرقة سببا في وجوب القطع ، والعقود أسبابا في إباحة الانتفاع أو انتقال الأملاك ، وما أشبه ذلك . ما وضع شرعا لحكم لحكمة يقتضيها ذلك الحكم
وأما العلة فالمراد بها : الحكم والمصالح التي تعلقت بها الأوامر أو [ ص: 411 ] الإباحة ، والمفاسد التي تعلقت بها النواهي ; فالمشقة علة في إباحة القصر والفطر في السفر ، والسفر هو السبب الموضوع سببا للإباحة ، فعلى الجملة العلة هي المصلحة نفسها أو المفسدة لا مظنتها ، كانت ظاهرة أو غير ظاهرة ، منضبطة أو غير منضبطة ، وكذلك نقول في قوله عليه الصلاة والسلام : فالغضب سبب ، وتشويش الخاطر عن استيفاء الحجج هو العلة ، على أنه قد يطلق هنا لفظ السبب على نفس العلة لارتباط ما بينهما ، ولا مشاحة في الاصطلاح . لا يقضي القاضي وهو غضبان
وأما المانع : فهو ; لأنه إنما يطلق بالنسبة إلى سبب مقتض لحكم لعلة فيه ، فإذا حضر المانع وهو مقتض علة تنافي تلك العلة ، ارتفع ذلك الحكم ، وبطلت تلك العلة ، لكن من شرط كونه مانعا أن يكون مخلا بعلة السبب الذي نسب له المانع ; فيكون رفعا [ ص: 412 ] لحكمه ، فإنه إن لم يكن كذلك ; كان حضوره مع ما هو مانع له من باب تعارض سببين أو حكمين متقابلين ، وهذا بابه كتاب التعارض والترجيح فإذا قلنا : السبب المقتضي لعلة تنافي علة ما منع ، فمعناه أنه سبب يقتضي افتقار المديان إلى ما يؤدي به دينه ، وقد تعين فيما بيده من النصاب ، فحين تعلقت به حقوق الغرماء انتفت حكمة وجود النصاب ، وهي الغنى الذي هي علة وجوب الزكاة فسقطت ، وهكذا نقول في الأبوة المانعة من القصاص ; فإنها تضمنت علة تخل بحكمة القتل العمد العدوان ، وما أشبه ذلك مما هو كثير . الدين مانع من الزكاة