الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي خلق الإنس والجن ليكلفهم أن يوحدوه ويعبدوه ، ويقدسوه ويمجدوه ويشكروه ولا يكفروه ، ويطيعوه ولا يعصوه ، وأرسل إليهم رسوله صلى الله عليه وسلم ليعزروه ويوقروه ويطيعوه وينصروه ; فأمرهم على لسانه بكل بر وإحسان ، وزجرهم على لسانه عن كل إثم وطغيان وكذلك أمرهم بالمعاونة على البر والتقوى ، ونهاهم عن المعاونة على الإثم والطغوى . وحثهم على الاقتداء والاتباع ، كما زجرهم عن الاختلاف والابتداع .

وكذلك أمر عباده بكل خير ; واجب أو مندوب ، ووعدهم بالثواب على قليله وكثيره بقوله : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } .

ونهاهم عن كل شر محرم أو مكروه ، وتوعدهم بالعقاب على محظور جليله وحقيره بقوله : { ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } ، وبقوله : { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } .

وكذلك أمرهم بتحصيل مصالح إجابته وطاعته ، ودرء مفاسد معصيته ومخالفته ; إحسانا إليهم ، وإنعاما عليهم ; لأنه غني عن طاعتهم وعبادتهم . فعرفهم ما فيه رشدهم ومصالحهم ليفعلوه ، وما فيه غيهم ومفاسدهم ليجتنبوه ، وأخبرهم أن الشيطان عدو لهم ليعادوه ويخالفوه ، فرتب مصالح الدارين على طاعته واجتناب معصيته ، فأنزل الكتب بالأمر والزجر والوعد الوعيد ، ولو شاء الله لأصلحهم بدون ذلك ; ولكنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، وما ربك بظلام للعبيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية