الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        393 - الحديث الرابع : عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال { كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تهامة ، فأصاب الناس جوع فأصابوا إبلا وغنما وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات القوم فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقدور فأكفئت ، ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير ، فند منها بعير فطلبوه فأعياهم ، وكان في [ ص: 674 ] القوم خيل يسيرة فأهوى رجل منهم بسهم ، فحبسه الله فقال : إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما ند عليكم منها فاصنعوا به هكذا قلت : يا رسول الله ، إنا لاقو العدو غدا ، وليس معنا مدى . أفنذبح بالقصب ؟ قال : ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله عليه ، فكلوه ، ليس السن والظفر ، وسأحدثكم عن ذلك ، أما السن : فعظم ، وأما الظفر : فمدى الحبشة } .

                                        التالي السابق


                                        خديج " والد رافع : بفتح المعجمة وكسر الدال المهملة وبعد آخر الحروف جيم . وفي الحديث : دليل على أن ما توحش من المستأنس : يكون حكمه حكم الوحش ، كما أن ما تأنس من الوحش : يكون حكمه حكم المستأنس .

                                        وهذا القسم ، ومقابلة كل عشرة من الغنم ببعير : قد يحمل على أنه قسمة تعديل بالقيمة وليس من طريق التعديل الشرعي ، كما جاء في البدنة " أنها عن سبعة " ومن الناس من حمله على ذلك . و " ند " بمعنى شرد ، و " الأوابد " جمع آبدة ، وقد تأبدت : أي نفرت وتوحشت من الإنس يقال : أبدت - بفتح الباء المخففة - تأبد - بكسرها وضمها - أيضا ، أبودا وجاء فلان بآبدة ، أي كلمة غريبة ، أو خصلة للنفوس نفرة عنها والكلمة لازمة ، إلا أن تجعل فاعلة ، بمعنى مفعولة . ومعنى الحديث : أن من البهائم ما فيه نفار كنفار الوحش .



                                        وفيه دليل على جواز الذبح بما يحصل به المقصود ، من غير توقف على كونه حديدا ، بعد أن يكون محددا .



                                        وقوله " وذكر اسم الله عليه " دليل على اشتراط التسمية أيضا فإنه علق الإذن بمجموع أمرين والمعلق على شيئين ينتفي بانتفاء أحدهما . وفيه دليل على [ ص: 675 ] منع الذبح بالسن والظفر ، وهو محمول على المتصلين وقد ذكرت العلة فيهما في الحديث ، واستدل به قوم على منع الذبح بالعظم مطلقا لقوله عليه السلام " أما السن : فعظم " علل منع الذبح بالسن بأنه عظم والحكم يعم بعموم علته . .




                                        الخدمات العلمية