الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام ولم يخافوا مفسدة بالتقديم

                                                                                                                421 حدثني يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال أتصلي بالناس فأقيم قال نعم قال فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله عز وجل على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف فقال يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك قال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيح للنساء حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم وقال قتيبة حدثنا يعقوب وهو ابن عبد الرحمن القاري كلاهما عن أبي حازم عن سهل بن سعد بمثل حديث مالك وفي حديثهما فرفع أبو بكر يديه فحمد الله ورجع القهقرى وراءه حتى قام في الصف حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع أخبرنا عبد الأعلى حدثنا عبيد الله عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي قال ذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم يصلح بين بني عمرو بن عوف بمثل حديثهم وزاد فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرق الصفوف حتى قام عند الصف المقدم وفيه أن أبا بكر رجع القهقرى

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                فيه حديث تقديم أبي بكر - رضي الله عنه - ، وحديث تقدم عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - فيه فضل الإصلاح بين الناس ومشي الإمام وغيره في ذلك ، وأن الإمام إذا تأخر عن الصلاة تقدم غيره إذا لم يخف فتنة وإنكارا من الإمام ، وفيه أن المقدم نيابة عن الإمام يكون أفضل القوم وأصلحهم لذلك الأمر وأقومهم به ، وفيه أن المؤذن وغيره يعرض التقدم على الفاضل وأن الفاضل يوافقه ، وفي أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة لقوله : صفق الناس ، وفيه جواز الالتفات في الصلاة للحاجة ، واستحباب حمد الله تعالى لمن تجددت له نعمة ورفع اليدين بالدعاء وفعل ذلك الحمد والدعاء عقب النعمة وإن كان في صلاة . وفيه جواز مشي الخطوة والخطوتين في الصلاة . وفيه أن القدر لا يكره إذا كان لحاجة .

                                                                                                                وفيه جواز استخلاف المصلي بالقوم من يتم الصلاة لهم ، وهذا هو الصحيح في مذهبنا . وفيه أن التابع إذا أمره المتبوع بشيء وفهم منه إكرامه بذلك الشيء لا تحتم الفعل فله أن يتركه ولا يكون هذا مخالفة للأمر ، بل يكون أدبا وتواضعا وتحذقا في فهم المقاصد ، وفيه ملازمة الأدب مع الكبار .

                                                                                                                وفيه أن السنة لمن نابه شيء في صلاته كإعلام من يستأذن عليه وتنبيه الإمام وغير ذلك أن يسبح إن كان [ ص: 110 ] رجلا فيقول : سبحان الله ، وأن تصفق وهو التصفيح إن كان امرأة فتضرب بطن كفها الأيمن على ظهر كفها الأيسر ، ولا تضرب بطن كف على بطن كف على وجه اللعب واللهو ، فإن فعلت هكذا على جهة اللعب بطلت صلاتها لمنافاته الصلاة .

                                                                                                                وفيه فضائل كثيرة لأبي بكر - رضي الله عنه - ، وتقديم الجماعة له ، واتفاقهم على فضله عليهم ورجحانه . وفيه تقديم الصلاة في أول وقتها .

                                                                                                                وفيه أن الإقامة لا تصح إلا عند إرادة الدخول في الصلاة لقوله : أتصلي فأقيم؟ وفيه أن المؤذن هو الذي يقيم الصلاة ، فهذا هو السنة ، ولو أقام غيره كان خلاف السنة ، ولكن يعتد بإقامته عندنا وعند جمهور العلماء . وفي جواز خرق الإمام الصفوف ليصل إلى موضعه إذا احتاج إلى خرقها لخروجه لطهارة أو رعاف أو نحوهما ورجوعه ، وكذا من احتاج إلى الخروج من المأمومين لعذر وكذا له خرقها في الدخول إذا رأى قدامهم فرجة فإنهم مقصرون بتركها .

                                                                                                                واستدل به أصحابنا على جواز اقتداء المصلي بمن يحرم بالصلاة بعده فإن الصديق رضي الله عنه أحرم بالصلاة أولا ثم اقتدى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حين أحرم بعده هذا هو الصحيح في مذهبنا .

                                                                                                                وقوله : ( ورجع القهقرى ) فيه أن من رجع في صلاته لشيء يكون رجوعه إلى وراء ، ولا يستدبر القبلة ، ولا يتحرفها .

                                                                                                                وأما حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - فقد تقدم شرحه في كتاب الطهارة ومما فيه حمل الإداوة مع الرجل الجليل ، وجواز الاستعانة بصب الماء في الوضوء ، وغسل الكفين في أوله ثلاثا ، وجواز لبس الجباب ، وجواز إخراج اليد من أسفل الثوب إذا لم يتبين شيء من العورة ، وجواز المسح على الخفين وغير ذلك مما سبق بيانه في موضعه . والله تعالى أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية