الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا قال الوصي : قبضت من غرماء الميت ، أو قبضت وضاع - لا مقال لليتيم بعد البلوغ على الغريم ، ويصدق لأنه أمين ، قال ابن هرمز : إن ادعى الغريم الدفع للوصي وأنكر حلف الوصي ، فإن نكل حلف الغريم ، وأما مالك فضمنه بنكوله في اليسير ، وتوقف في الكثير قال ابن القاسم : والرأي على قول ابن هرمز : أنه يضمن في القليل والكثير ، وإنما توقف مالك في الكثير خوفا من أن تبطل أموال اليتامى ، وخوفا من تضمين الوصي وهو أمين . وإذا قضى الوصي غرماء الميت بغير بينة فأنكروا ضمن إن لم يأت ببينة . في التنبيهات : إنما ضمنه ; لأن شأن الناس الاستخفاف في الدفع بغير بينة ، والتوثق في الكثير ، قال التونسي : إذا قال الوصي : قبضت واليتيم في ولايته صدق ، أو بعد الرشد ففي الموازية : يكون شاهدا لهم ، يحلف اليتيم معه ، كما قال في المدونة : إذا أقر أحد الشريكين بعد الانفصال إن هذا المتاع رهناه عند فلان أنه شاهد ، وقال سحنون : قوله مقبول مطلقا نظرا لأمانته ، واختلف في شهادة الحميل ، وهو من هذا القبيل .

                                                                                                                [ ص: 236 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : لا يجوز عتق المولى عليه ، ولا هبته ولا صدقته ، ولا يلزمه ذلك بعد البلوغ إلا أن يجيزه الآن ، واستحب إمضاؤه من غير إيجاب ، وما ليس فيه إلا المنفعة ينفذ كطلاقه وعتقه أم ولده ; لأنه ليس مالا ، ويمتنع نكاحه إلا بإذن وليه ; لأنه مظنة المال ، وما وهب له من مال يدخل في الحجر ، وكذلك إن تجر فربح ; لأنه ماله ولا يجوز شراؤه إلا فيما لا بد له من عيشه كالدرهم يبتاع به ونحوه يشتري ذلك لنفسه . كما يدفع إليه من نفقته . في التنبيهات : ظاهر الكتاب استحبابه إمضاءه جميع تصرفاته ، وعلى ذلك اختصره المختصرون ، والصحيح تخصيصه بما فيه قوته .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا عقل الصبي التجارة لا يجوز إذن أبيه أو وصيه في مولى عليه ، ولو دفعا له بعد الحلم بعض المال للاختبار لا يلزمه دين فيما دفع له ولا غيره لبقاء الولاية ، بخلاف الإذن للعبد ; لأن المنع لحق السيد ، وقال غيره : يلحق الصبي فيما أذن له فيه خاصة قياسا على العبد وعملا بالإذن ، ولو دفع أجنبي لعبد أو صبي مالا يتجر فيه فالدين في ذلك المال لترجح القصد للتجر على الاختبار ، بخلاف الوصي ; لأن مقصوده الاختبار .

                                                                                                                في التنبيهات : ظاهر كلامه في الوصايا جواز الدفع لليتيم إذا عقل التجارة . وقاله أبو عمر وغيره ; لأن الغالب من الطباع الضبط .

                                                                                                                في النكت : إذا أنكر اليتيم المال صدق الوصي ويضم ذلك إلى ما اتفق عليه ; لأنه أمين ، قال الشيخ : أبو الحسن : لا يباع فيه إلا على النقد ، فمن باعه على غير النقد هو الذي لا يكون له مما في يده شيء إلا أن يكون في يد المولى عليه أكثر مما دفع إليه وليه ، فيكون حق من داينه في الزائد إن كانت الزيادة من معاملته إياه .

                                                                                                                [ ص: 237 ] فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : لا يخرج المولى عليه والبكر المعنسة من الولاية إلا بشهادة عدلين ، ويكون أمرا فاشيا ، وإلا لا تنفع الشهادة في قبضها لمالها . قال اللخمي : زوال الحجر للسلطان إذا كان المحجور في ولاية ، فإن كان في ولاية وصي الأب فعن ابن القاسم : إذا تبين للوصي رشده دفع إليه ماله ، وإن شك لا يدفعه إلا بإذن الإمام ، قال مالك : إذا دفع لك الإمام مال مولى عليه فحسن حاله دفعت إليه ماله ، وأنت كالوصي لزوال سبب المنع . وقال عبد الوهاب : لا ينفك الحجر بحكم أو بغير حكم إلا بحكم حاكم ، وسواء في ذلك الصبي والمجنون والبالغ والمفلس ، وبقول مالك ، قال ( ش ) ، وابن حنبل : وهو ظاهر قوله تعالى : " فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا " . فلا يحتاج للحاكم ، وجعل الدفع لمن له الابتلاء ، قال : والقول الآخر اليوم أحسن لغلبة فساد حال من يلي ، فيقول : رشد ولم يرشد ، ولا يحكم القاضي في ذلك بمجرد قوله ، بل حتى يثبت عنده . قال سحنون : إذا لم يثبت كتب القاضي : إن فلانا أتى بفتى صفته كذا وكذا وزعم أن اسمه فلان ، وذكر أن أباه أوصى عليه به ، وأنه صلح للأخذ والإعطاء ، أو بامرأة صفتها كذا ، وزعم أن اسمها كذا ، وأن أباها أوصى بها إليه ، وأنها بلغت الأخذ والإعطاء ، وأنها بنى بها زوجها ، وسألني أن أدفع إليه ماله ، وأكتب له براءة ، فأمرته بالدفع ، وحكمت له بالبراءة ، ولم يحكم بالرشد ; لأنه لم يثبت عنده ، ومعناه حكم بالقدر الذي دفعه ; لأن دفعه جائز .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : بلوغ الذكر بالاحتلام أو الإنبات ، أو بلوغ سن تقتضي العادة بلوغ من بلغه ، وتعيينه : ثماني عشرة سنة لابن القاسم ، وقال غيره : سبعة عشر . وقاله ( ح ) وخمسة عشر لابن وهب . وقاله ( ش ) ، وابن حنبل : ويزيد الإناث بالحيض والحمل ، ويقبل قوله في الاحتلام إلا أن يرتاب فيه ; لأنه أمر لا يعرف إلا من قبله ، ويكشف للإنبات ، ويستدبره الناظر ، ويستقبلان [ ص: 238 ] جميعا المرآة ، وينظر إليها الناظر فيرى الإنبات أو البياض ، قاله القاضي أبو بكر ، وجوز ( ش ) النظر للعانة للإنبات ; لقول سعد - رضي الله عنه - : ( حكمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بني قريظة ; فكنا نكشف عن مؤتزرهم ، فمن أنبت قتلناه ، ومن لم ينبت جعلناه في الذراري ) . وقال أيضا : لا يحكم بأن الحمل بلوغ حتى ينفصل الولد ، قال الطرطوشي : والمراد بالإنبات الإنبات الخشن على المذاكر ، ومرحله ( كذا ) دون الزغب الضعيف ، وقال ( ح ) : لا يعتبر الإنبات أصلا .

                                                                                                                لنا : حديث سعد المتقدم . وقال له - عليه السلام - : ( لقد حكمت بحكم الله من فوق سبع سماوات ) . خرجه مسلم ، ولأنه معنى يعرض عند البلوغ فيحكم به كخروج المني ، احتجوا بالقياس على شعر الوجه والصدر وسائر الشعور والزيادات ، بل شعر الوجه أدل ، وبقوله تعالى : " وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا " فعلق البلوغ والحكم على الحلم ، فلا يتعلق بغيره ، وبقوله - عليه السلام - : ( رفع القلم عن ثلاث : الصبي حتى يحتلم ) الحديث . فجعل الحلم مناط الأحكام .

                                                                                                                والجواب عن الأول : أنه قياس مخالف للسنة فلا يسمع ، سلمنا صحته ، لكن الفرق : أن تلك الشعور لا تختص بالبلوغ ، فهي كالبول وهذا كالحيض . وعن الثاني : أنه استدلال بالمفهوم ، وأنتم لا تقولون به ، سلمنا صحة التمسك [ ص: 239 ] به ، لكن المفهوم هاهنا عارضه منطوق الحديث المتقدم ، والمنطوق مقدم على المفهوم إجماعا ، وهو جواب الثالث .

                                                                                                                احتج ( ش ) بقوله - عليه السلام - : ( إذا بلغ المولود خمس عشرة سنة كتب ما له وما عليه ، وأخذت منه الحدود ) ، وأجاز - عليه السلام - ابن عمر - رضي الله عنهما - في الجهاد ابن خمس عشرة سنة ، ولا يجاز إلا بالغ ، وهو متفق على صحته .

                                                                                                                وجوابه : منع الصحة في الأول ، وعن الثاني : أن هذا من كلام ابن عمر ، فلعله - عليه السلام - علم بلوغه عند هذا السن ، ومتى علم البلوغ لا نزاع فيه ، وليس في الحديث دلالة على أنه أجاز لأجل الخمس عشرة سنة ، فهذا كقول القائل : قرأت الفقه وأنا ابن كذا ؛ ذكر التاريخ ; لأن السن سببه ، وقد نزل ابن القاسم قوله تعالى : " ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده " قال ابن عباس : الأشد ثماني عشرة سنة ، ومثل هذا لا يقال إلا عن توقيف .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : يستثنى من تصرفات الصبي وصيته ، فتنفذ إذا لم يخلط فيها .

                                                                                                                قاعدة : تسمى بجمع الفرق ، وهي أن يرتب على المعنى الواحد حكمان متضادان . فالصبي أبطل تصرفه في حياته صونا لماله على مصالحه ، ونفذت وصيته صونا لماله على مصالحه ; لأنها لو ردت لصرف المال للوارث ففاتته مصلحة ماله .

                                                                                                                [ ص: 240 ] فرع

                                                                                                                قال : ووصي الصبي أبوه ، ثم وصيه ، ثم وصي وصيه ، ثم الحاكم ، دون الجد والأم وسائر القرابات ، وقال ( ش ) : الأب ، ثم الجد أبو الأب وإن علا ، ثم الوصي .

                                                                                                                لنا : أن الجد يقاسمه الأخ في الميراث بخلاف الأب فيكون قاصرا عن الأب ، فلا يلحق به .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : لا يتصرف الولي إلا بما تقتضيه المصلحة ; لقوله تعالى : " ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن " ، فهو معزول بظاهر النص عن غير التي هي أحسن ، ولا يبيع عقاره إلا لحاجة الإنفاق ، أو لغبطة في الثمن ، وخشية سقوطه إن لم ينفق عليه ، وابتياع غيره بثمنه أفضل ، أو لكونه في موضع خرب ، أو يخشى انتقال العمارة من موضعه فيبيعه ، ويستبدل بثمنه في موضع أصلح ، ولا يستوفي قصاصه ، ولا يعفو عنه ; لأنه إذا بلغ يقتص أو يصالح على مال ، ولا يعتق رقيقه ، ولا يطلق نساءه إلا على عوض فيه المصلحة في غير البالغ من الذكور ، أو يفعل ذلك الأب خاصة فيمن يجبر من الإناث ، وفي مخالعته عمن لا يجبر ممن يملك أمرها خلاف ، ولا يعفو عن شفعته إلا لمصلحة ، ثم إذا عفا ليس للصبي الطلب بعد البلوغ ، ووافقنا ( ح ) في العفو عنها قياسا على الشفيع ، ومنع ( ش ) ; لأنه تضييع مال .

                                                                                                                وجوابه : إنما نجيزه إذا تضمن مصلحة أرجح ومنع ( ش ) أن يبيع له بنسيئة ، وأن يكاتب عبده وإن كان أضعاف القيمة ; لأنه يأخذ العوض من كسبه ، وأن يسافر بماله من غير ضرر ، ولا يودعه ، ولا يقرضه مع إمكان التجر فيه ، وجوز أن يقترض له ويرهن ماله ، وأن يأكل الأمين والولي من مال اليتيم إلا أن يكونا غنيين ; لقوله تعالى : " ومن كان غنيا فليستعفف " .

                                                                                                                [ ص: 241 ] فرع

                                                                                                                قال الأبهري قال مالك : إذا بلغ فله الخروج عن أبيه ، وإن كان أبوه شيخا ضعيفا إلا أن يستحق الحجر لسفه ، وإذا تزوجت المرأة وولدت وأراد أبوها الخروج بها وكرهت فراق ولدها فذلك لها كخروجها من الحجر .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال مالك : لا يقضى عن المحجور عليه دينه بعد موته كحياته ، إلا أن يوصي بذلك في ثلثه إذا بلغ مثله الوصية .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجلاب : الوصي مصدق في نفقة اليتيم ، وولي السفيه . وقاله الشافعي ; لأنهما أمينان ، ويعسر الإشهاد منهما على ذلك ، بخلاف رد المال ; لقوله تعالى : " فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم " ، فلما أمره بالإشهاد لم يؤتمن على الرد ، بخلاف المودع ، فإنه مؤتمن في الرد .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : تجوز التجارة في مال اليتيم ، ولا ضمان على الوصي في ذلك ، وقاله ( ش ) لقول عمر - رضي الله عنه - : ( اتجروا في أموال اليتامى ; لا تأكلها الزكاة ) وروي مرفوعا .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : لا بأس بخلط الوصي نفقة يتيمه بماله إذا كان رفقا لليتيم ، ويمتنع رفقا [ ص: 242 ] للولي . وقاله ( ش ) ; لقوله تعالى : " وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح " ، ولأن الإفراد قد يشق ، وخاصة في بيت ، وينبغي للولي أن يوسع على اليتيم في نفقته وكسوته على قدر حاله ; لقوله تعالى : " لينفق ذو سعة من سعته " ، ولا بأس بتأديبه ; لأنه من أفضل البر ; لقوله - عليه السلام - : ( ما نحل والد ولدا أفضل من أدب حسن ) ، وينفق على أم اليتيم من ماله إذا كانت محتاجة ; لقوله تعالى : " وبالوالدين إحسانا " ، ويخرج الزكاة من ماله ، وزكاة الفطر ، ويضحي عنه ; لتحقق أسباب هذه المأمورات في حقه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في النوادر قال عبد الملك ، ومطرف : ما وهب الأب من ماله ولده الصغير من عروض أو رقيق أو عقار وهو مليء نفذ للموهوب ، وعليه للابن عوضه ، شرط له ذلك أم لا ، ولا سبيل للابن على الهبة إلا أن يعسر الأب بعد يسره ، فيأخذها الابن حملا لتصرف الأب على التزام العوض كما إذا زوجه صغيرا فقيرا يحمل على أنه التزام الصداق ، فإن فاتت أخذ قيمتها من الموهوب للفوات تحت يده ، ثم يرجع الموهوب على الأب ; لأن الهبة عقد لازم ، وقد لزمته القيمة لابنه فأداها عنه ، والفوت : العتق ، والاستيلاد ، وإبلاء الثوب ، وأكل الطعام ، وبيع الهبة ، وأكل ثمنها ، وما كان فوته بسببه ، وأما ما هلك بأمر سماوي فلا يضمن ، وإن كان الأب يوم الهبة بعد ما ردت شرط العوض أم لا لتعيين ضياع مال الولد . وما فات أخذ من الأب قيمته إن كان له شيء يوم الحكم ، وإن اتصل [ ص: 243 ] إعساره وداها الموهوب ، ولا يرجع بها على الأب ، وكأنه وهب مال أجنبي ، وإن كان يوم الهبة معسرا ، ثم أيسر ، ثم أعسر نفذت ، ويرجع بها على الأب وكأنه وهب العطية . ولا يأخذها الابن وإن كانت قائمة إن كان الأب مليئا ، وإلا أخذها إلا أن تفوت فيأخذ القيمة من المعطي إن فاتت بسببه ، ويرجع بها المعطي على الأب .

                                                                                                                قالا : وما باع أو رهن من متاع ولده لنفسه فهو مردود ، إن عرف أنه فعله لنفسه ، وإن جهل هل لنفسه أو لولده لا يرد لإمكان صحة التصرف ، وهذا في عدمه . وأما في ملائه فيمضي ويضمن الثمن فيما باع تصحيحا للتصرف بحسب الإمكان .

                                                                                                                قالا : وأما ما اشترى من رقيقه وعقاره نفذ إلا ببخس يسير فيرد كله ; لأنه معزول عن غير المصلحة ، وما قارب الأثمان مضي وباع وحابى ، وقلت المحاباة مضي ذلك ، وكانت في مال الأب كالعطية ، وإن عظمت المحاباة رد كله لتمكن الفساد .

                                                                                                                قال مطرف : وما أعتق من عبيده جاز في ملاء الأب وحمل على التزام القيمة ، ورد في عدمه إلا أن يطول زمانه ، ويولد للعبيد على الحرية ، فيتبع الأب بالقيمة ، قاله مالك ، وكذلك ما تزوج به من عبد أو غيره جاز في ملائه وعليه القيمة ، أو معدما رد ما لم يبن بامرأته فيتبع بالقيمة ، وإن لم يفت ، وقال عبد الملك : بنى أم لا ، طال أمد العتق أم لا ، صغرت المحاباة فيما أعطى أم لا ، إن كان موسرا أخذت من القيمة ، أو معدما رد ذلك كله لفساد أصل التصرف ، وأجاز أصبغ هذا كله : هبته ، وبيعه ، وعتقه ، وأصداقه ، مليا أو معدوما ، قائما أو فائتا ، طال أمد العبد أم لا ، بنى بالمرأة أم لا ، باع للابن أو لنفسه ، ويلزمه تغليبا للولاية إلا أن يتقدم الإمام في ذلك فيبطل كله .

                                                                                                                قال مالك : إذا وهب عبد ابنه أو تصدق به بطل وإن كان مليا ، وإن أعتقه عن نفسه مليا نفذ وعليه القيمة ، ولو كان كثيرا رد عتق الأب . وما تزوج به من مال ولده الصغير والأب مليء نفذ ، بنى أم لا . قال ابن القاسم : إذا تصدق على [ ص: 244 ] ابنه الصغير بغلام ، ثم أوصى بعتق عتق في ثلثه ، وللابن قيمته في رأس المال ; لأنه كان يحوز لابنه ، وإن لم يكن للأب مال بطلت الوصية ، ولو كان الابن كبيرا يحوز لنفسه ولم يقبض حتى مات بطلت الصدقة ونفذت الوصية .

                                                                                                                فرع : .

                                                                                                                قال ابن بشير : لا يوكل القاضي من يبيع شيئا من مال اليتيم إلا بعد ثبوت ستة أمور : يتمه ، وأنه ناظر له ، وحاجته ، وأنها لا تندفع إلا بالبيع ، وأنه ملك اليتيم لم يخرج عن يده ، وأن المبيع أحق ما يباع عليه ، وحصول السداد في الثمن . ولا يبيع الوصي العقار إلا لأحد ستة أوجه : الحاجة ، والغبطة في الثمن الكثير ، أو يبيعه لمن يعود عليه بشيء ، أو له شقص في دار لا تحمل القسمة فدعاه شركاؤه للبيع ، أو دار واهية ، ولا يكون له ما تقوم به ، أو له دار بين أهل الذمة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية