الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في مسائل منثورة

                                                                                                                                                                        يجوز للوصي أن يوكل فيما لم تجر العادة بمباشرته لمثله ، ولا يجوز أن يبيع شيئا من مال كبار الورثة بغير إذنهم . وإذا أوصى بثلث ماله وليس له إلا عبد ، لم يبع الوصي إلا ثلثه . ولو كان الوصي والصبي شريكين ، لم يستقل بالقسمة ، سواء قلنا : هي بيع أو إفراز .

                                                                                                                                                                        وفي فتاوى القفال : ليس له خلط حنطته بحنطة الصبي ، ولا دراهمه بدراهمه ، وقول الله تعالى : وإن تخالطوهم [ البقرة : 220 ] محمول على ما لا بد منه للإرفاق ، وهو خلط الدقيق بالدقيق واللحم باللحم للطبخ ونحوه ، ولا يلزم الوصي الإشهاد في بيع مال اليتيم على الأصح . وفي الجرجانيات لأبي العباس الروياني وجهان في أن الولي لو فسق قبل انبرام البيع ، هل يبطل البيع ؟ ووجهان في أن الوصاية هل تنعقد بلفظ الولاية ، كقوله : وليتك كذا بعد موتي ؟ ويجوز للوصي [ ص: 323 ] أن يدفع مال اليتيم مضاربة إلى من يتصرف في البلد ، ويجوز إلى من يسافر به إذا جوزنا المسافرة به عند أمن الطريق ، وهو الأصح كما سبق في الحجر ولو أوصى إلى الله تعالى ، وإلى زيد ، فقياس ما سبق فيما إذا أوصى لله تعالى ولزيد مجيء وجهين .

                                                                                                                                                                        أحدهما : أن الوصاية إلى زيد . والثاني : إلى زيد والحاكم . ولو أوصى بشيء لرجل لم يذكره ، وقال : قد سميته لوصيي ، فللورثة أن لا يصدقوه . وفي شرح أدب القاضي لأبي عاصم العبادي ، أنه لو قال : سميته لوصيي زيد وعمرو ، فعينا رجلا ، استحقه . وإن اختلفا في التعيين ، فهل تبطل الوصية ، أم يحلف كل منهما مع شاهده ؟ قولان . وفي الزيادات لأبي عاصم : أنه لو خاف الوصي أن يستولي غاصب على المال ، فله أن يؤدي شيئا لتخليصه ، والله يعلم المفسد من المصلح .

                                                                                                                                                                        وفي ( ( فتاوى ) ) القفال : أنه لو أوصى إلى رجل فقال : بع أرضي الفلانية ، واشتر من ثمنها رقبة فأعتقها عني ، وأحج عني ، واشتر مائة رطل خبز فأطعمها الفقراء ، فباع الأرض بعشرة ، وكان لا توجد رقبة إلا بعشرة ، ولا يحج إلا بعشرة ، ولا يباع الخبز بأقل من خمسة ، فتوزع العشر عليها خمسة أسهم ، ولا يحصل الإعتاق والحج بحصتهما ، فيضم إلى حصة الخبز تمام الخمسة ، فينفذ فيه الوصية ، ويرد الباقي على الورثة ، كما لو أوصى لكل واحد من زيد وعمرو بعشرة ، وكان ثلاثة عشر ، فرد أحدهما ، دفعت العشرة إلى الآخر .

                                                                                                                                                                        ولو قال : اشتر من ثلثي رقبة فأعتقها ، وأحج عني ، واحتاج كل منهما إلى عشرة ، فإن قلنا : يقدم العتق ، صرفت العشرة إليه ، وإلا ، فينبغي أن يقرع بينهما ولا يوزع ، إذ لو وزع ، لم يحصل واحد منهما ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية