الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
‏فصل‏

وأما النزول فهو ضد العلو‏ ، وما من قسم من أقسام العلو الخمسة إلا وضده قسم من أقسام النزول‏ ، فهو إذا خمسة أقسام ، وتفصيلها يدرك من تفصيل أقسام العلو على نحو ما تقدم شرحه‏ . ‏

وأما قول ‏الحاكم أبي عبد الله‏‏‏ : " لعل قائلا يقول : النزول ضد العلو ، فمن عرف العلو فقد عرف ضده ، وليس كذلك ، فإن للنزول مراتب لا يعرفها إلا أهل الصنعة‏ . . . . إلى آخر كلامه " ، فهذا ليس نفيا لكون النزول ضدا للعلو على الوجه الذي ذكرته ، بل نفيا لكونه يعرف بمعرفة العلو‏ ، وذلك يليق بما ذكره هو في معرفة العلو ، فإنه قصر في بيانه وتفصيله ، وليس كذلك ما ذكرناه نحن [ ص: 264 ] في معرفة العلو ، فإنه مفصل تفصيلا مفهما لمراتب النزول ، والعلم عند الله تبارك وتعالى . ‏

ثم إن النزول مفضول مرغوب عنه ، والفضيلة للعلو على ما تقدم بيانه ودليله‏ . ‏

وحكى‏ ‏ابن خلاد ، عن بعض أهل النظر أنه قال‏ : " التنزل في الإسناد أفضل " ، واحتج له بما معناه أنه يجب الاجتهاد ، والنظر في تعديل كل راو وتجريحه ، فكلما زادوا كان الاجتهاد أكثر‏ . ‏

وهذا مذهب ضعيف ضعيف الحجة‏ ، وقد روينا عن ‏علي بن المديني ، و‏‏أبي عمرو المستملي النيسابوري أنهما قالا‏ : " النزول شؤم‏ " . ‏

وهذا ونحوه مما جاء في ذم النزول مخصوص ببعض النزول ، فإن النزول إذا تعين - دون العلو - طريقا إلى فائدة راجحة على فائدة العلو فهو مختار غير مرذول ، والله أعلم‏‏‏‏ . ‏

التالي السابق


الخدمات العلمية