الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الثاني قال صاحب الإشراف : إذا أقر في المرض بقبض دينه ممن لا يتهم في حقه قبل إقراره وبرئ من كان عليه الدين سواء أداين في الصحة أو في المرض ، وقال ( ح ) : يقبل إقراره فيما ادانه في الصحة دون المرض .

                                                                                                                لنا : قياس أحدهما على الآخر بجامع إقرار البالغ العاقل مع نفي التهمة ، أو كما إذا باع دارا وأقر بقبض ثمنها .

                                                                                                                الثالث قال الطرطوشي : إذا أقر بعض الورثة بدين على الميت لزمه بقدر حصته قاله مالك ، وقال ابن حبيب : أصحاب مالك كلهم يرون هذا القول وهما من مالك ; لأنه لا ميراث إلا بعد قضاء الدين جميع الدين في [ . . . ] والصواب قول مالك وهو قول ابن القاسم وأحد قولي ( ش ) ، والقول الآخر هو قول ( ح ) ، وأصل المسألة أنه إقرار على البت شائع في التركة أو هو إقرار على نفسه بما في يده عند ( ح ) .

                                                                                                                لنا أنه متعلق بمال التركة ، فتكون بالحصة كالإقرار بالرهن والجناية في عبد مشترك [ . . . ] والشريك الآخر منكر ، وكما لو صدقه باقي الورثة ، ولأنه لو أقر لواحد بألف ، والتركة ألف ، ثم أقر لآخر بطل الثاني فدل على أن الإقرار على [ ص: 263 ] التركات لا يلزمه حصته ، كما لو أقر بعين سماها لم يلزمه إلا محاصته ، أو يقول معنى يثبت به الدين في التركة فأثبته شائعا في الدار [ . . . ] على الجميع كالبينة ، ولأنه اجتمع إقرار معتبر وإنكار معتبر بدليل تحليف المنكر ، والإنكار يختص بحالة المنكر فيتعذر إثبات الحق على المنكر .

                                                                                                                احتجوا بقوله تعالى : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) . فقدم الدين على الميراث فلا يتسلم المقر شيئا إلا بعد قضاء الدين ، ولأن الدين يتعلق بالتركة وبكل جزء من أجزائها ، والمنكر كالغاصب ، فيتعلق الدين بالباقي كما إذا أقر الموروث بغصب حقه ( كذا ) بعض ماله .

                                                                                                                والجواب عن الأول أن الله تعالى كما ذكر الدين ذكر الوصية ، ولو أقر بالوصية أجحدها أخاه ( كذا ) لم يلزمه في نصيبه إلا بحصته ، وكذلك في الدين ثم إن الدين إنما يقدم إذا ثبت ، ولم يثبت عندنا إلا بقدر حصته فقط .

                                                                                                                عن الثاني أن إقراره إنما أثبت حصته من الدين ، أما جميعه فلا ، بخلاف إقرار الموروث .

                                                                                                                الرابع قال صاحب البيان : إذا أقر أحد الزوجين لصاحبه بدين في المرض ، فأربعة أحوال : فإن أقر لوارث ، والمقر له وغيره من الورثة في منزلة واحدة في القرب ، فيبطل اتفاقا ، إذا الدين دليل على صدقه ، وإن لم يكن قاطعا بأن يكون المقر له عاقا فالإقرار بهذا لا يجوز كالزوجة إذا أقر لها وهي عادتها ببعضه وببعضها ( كذا ) ، وقيل : تبطل بخلاف الزوجة [ . . . ] إذا كان بعض من لا يقر له [ . . . ] وبعضهم [ . . . ] على قولين نظرا لأحد القسمين فيمتنع ، أو إلى الآخر فيجوز لعدم الثلاثة ، فإن أقر بمن لا يعرف فهو [ . . . ] بولد جاز من رأس المال أوصى أن يتصدق به عنه أو يوقف له ، واختلف إذا كان يورث كلالة فقيل : إن وافق أن يوقف حتى يأتي لذلك طالب جار من رأس المال أو [ ص: 264 ] يتصدق به لم يقبل من رأس المال ، ولا من الغلة وقيل : يجوز من الثلث كالوصية ، وقيل : ليس من رأس المال ، ويبطل القسم مطلقا ، وقال مالك : إن أقرت المرأة عند الموت أنها قبضت صداقها من زوجها إن كان له أولاد ، وقد يكون بينها وبينه شنآن فيجوز لعدم التهمة ، ولو لم يكن لها ولد ومثلها يتهم يبطل .

                                                                                                                الخامس قال : قال ابن القاسم : إذا أردت تحليفه فقال : أخرني إلى سنة وأنا أقر لك ، يحرم ; لأنه سلف جر منفعة ، فإن وقع لا يلزم الإقرار وتبقى الخصومة كما كانت ; لأنه إنما رضي بالإقرار لتأخير وقتها .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية