الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                532 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحق بن إبراهيم واللفظ لأبي بكر قال إسحق أخبرنا وقال أبو بكر حدثنا زكرياء بن عدي عن عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث النجراني قال حدثني جندب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل فإن الله تعالى قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( عن عبد الله بن الحارث النجراني ) هو بالنون والجيم .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل . . . إلى آخره ) معنى أبرأ أي أمتنع من هذا وأنكره . و ( الخليل ) هو المنقطع إليه ، وقيل المختص بشيء دون غيره . قيل : هو مشتق من ( الخلة ) بفتح الخاء وهي الحاجة ، وقيل من ( الخلة ) بضم الخاء وهي تخلل المودة في القلب ، فنفى - صلى الله عليه وسلم - أن تكون حاجته وانقطاعه إلى غير الله تعالى ، وقيل الخليل من لا يتسع القلب لغيره .

                                                                                                                قال العلماء : إنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجدا خوفا من المبالغة في تعظيمه والافتتان به ، فربما أدى ذلك إلى الكفر كما جرى لكثير من الأمم الخالية . ولما احتاجت الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين كثر المسلمون وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه ، ومنها حجرة عائشة - رضي الله عنها - مدفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - بنوا على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله لئلا يظهر في المسجد ، فيصلي إليه [ ص: 186 ] العوام ويؤدي المحذور ، ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين ، وحرفوهما حتى التقيا حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر ، ولهذا قال في الحديث : لولا ذلك لأبرز قبره ، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا . والله تعالى أعلم بالصواب .




                                                                                                                الخدمات العلمية