الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع قال بعض العلماء : إذا عجزت عن إقامة الحجة الشرعية فاستعانت على ذلك بوال يحكم بغير الحجة الشرعية أثم دونك إن كان الحق جارية يستباح فرجها ، بل يجب ذلك عليك ، لأن مفسدة الوالي أخف من مفسدة الزنا والغصب ، وكذلك الزوجة ، وكذلك استعانتك بالأجناد ، ولا تأثم ، وكذلك في [ ص: 42 ] غصب الدابة وغيرها أو جحد ذلك ، لأن الصادر من المعين عصيان لا مفسدة فيه ، والجحد والغصب عصيان ومفسدة ، وقد جوز الشرع الاستعانة بالمفسدة لا من جهة أنها مفسدة ، على درء مفسدة أعظم منها ، كفداء الأسراء ، فإن أخذ الكفار لمالنا حرام عليهم ، وفيه مفسدة إضاعة المال : فما لا مفسدة فيه أولى أن يجوز ، فإن كان الحق يسيرا نحو كسرة وتمرة حرمت الاستعانة على تحصيله بغير حجة شرعية ، لأن الحاكم بغير ما أمر الله أمر عظيم لا يباح باليسير .

                                                                                                                فرع : قال بعض العلماء : إذا تنازعتما حائطا منتصبا ، هل هو منعطف لدارك أم لا ؟ فأمر الحاكم بكشف البياض لينظر ، إن جعلت الأجرة في الكشف عليك فمشكل ، لأن الحق قد يكون لخصمك ، والأجرة ينبغي أن تكون لمن له نفع العمل ، ولا يمكن أن تقع الإجارة على أن الأجرة على من ثبت له الملك ، لأنكما حرمتما بالملكية فما وقعت الإجارة إلا جازما ، وكذلك القائف لو امتنع إلا بأجر ، قال : ويمكن أن يقال : يلزم الحاكم كل واحد منهما باستئجاره ، وتلزم الأجرة في الأجير ممن ثبت له الملك كما يحلف في اللعان وغيره وأحدهما كاذب .

                                                                                                                تنبيه : الإبراء من المعين لا يصح بخلاف الدين ، فلا يصح إبراؤك من داري التي تحت يدك ، لأن الإبراء الإسقاط ، والمعين لا يسقط ، نعم تصح فيها الهبة ونحوها .

                                                                                                                قاعدة : الحبس يكون لغيبة المجني عليه حفظا لمحل القصاص ، أو للامتناع من دفع الحق لجأ إليه ، أو تغييرا وردعا عن المعاصي ، أو للامتناع من التصرف الواجب الذي لا تدخله النيابة ، كحبس من أسلم عن أختين وامتنع من تعيين [ ص: 43 ] أحدهما ، أو أقر بأخذ عين وامتنع من تعيينها ، أو للامتناع من حقوق الله تعالى التي لا يدخلها النائب ، كالممتنع من صوم رمضان ، فهذه خمسة أقسام .

                                                                                                                سؤال : كيف يخلد في الحبس من امتنع من دفع دارهم مع قدرته عليه وعجزنا عن أخذها منه ، لأنها عقوبة عظيمة لجناية حقيرة ؟ جوابه : أنها عقوبة صغيرة بإزاء جناية صغيرة ، لأنه في كل ساعة ممتنع من أداء الحق فتقابل كل ساعة من ساعات الامتناع ساعة من ساعات الحبس .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية