الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الركن الثاني : المحلوف به الامتناع من الوطء بلا يمين ، لا يثبت حكم الإيلاء ، وسواء كان هناك عذر أم لا ، وإذا حلف لا يطؤها أكثر من أربعة أشهر ، ثم طالبته بالوطء بعد أربعة أشهر ، فوطئ ، لزمه كفارة اليمين على المذهب وهو الجديد وأحد قولي القديم . والثاني : لا كفارة ، لقول الله تعالى : ( فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم ) [ البقرة : 227 ] . فإن وطئها قبل مضي المدة ، فقيل : تجب الكفارة قطعا ، لأنه حنث باختياره من غير إلزام . وقيل : بطرد الخلاف ، لأنه بادر إلى ما يطالب به . ولو حلف أن لا يطأها أربعة أشهر فما دونها ، ثم وطئ ، لزمه الكفارة قطعا ، لأنه ليس بمؤل ، وقيل : بطرد الخلاف ، وهو بعيد .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        هل يختص الإيلاء باليمين بالله تعالى وصفاته ؟ فيه قولان . القديم : نعم . والجديد الأظهر : لا ، بل إذا قال : إن وطئتك ، فعلي صوم أو صلاة أو حج ، أو فعبدي حر ، أو فأنت طالق ، أو فضرتك طالق ، أو نحو ذلك ، كان [ ص: 231 ] مؤليا ، وشرط انعقاده بهذه الالتزامات أن يلزمه شيء لو وطئ بعد أربعة أشهر ، فلو كانت اليمين تنحل قبل مجاوزة أربعة أشهر ، لم تنعقد . فلو قال : إن وطئتك ، فعلي أن أصلي هذا الشهر أو أصومه أو أصوم الشهر الفلاني ، وهو ينقضي قبل مجاوزة أربعة أشهر من حين اليمين ، لم ينعقد الإيلاء ، فلو قال : إن وطئتك ، فعلي صوم شهر ، أو الشهر الفلاني ، وهو يتأخر عن أربعة أشهر ، فهو مؤل ، وكذا لو قال : إن وطئتك ، فعلي صوم الشهر الذي أطأ فيه ، ويلزمه صوم بقية ذلك الشهر إن أوجبنا في نذر اللجاج الوفاء بالملتزم .

                                                                                                                                                                        وفي قضاء اليوم الذي وطئ فيه ، وجهان مأخوذان من الخلاف ، فيمن نذر صوم اليوم الذي يقدم فيه زيد . ولو قال : فعلي صوم هذه السنة ، فهو مؤل إن بقي من السنة أكثر من أربعة أشهر ، وإلا فلا . ولو قال : إن وطئتك ، فكل عبد يدخل في ملكي حر ، فهو لغو ، لأن تعليق العتق بالملك لغو ، وكذا لو قال : فعلي أن أطلقك ، لأنه لا يلزمه بالوطء شيء . ولو قال : إن وطئتك ، فأنت طالق إن دخلت الدار ، أو فعبدي حر بعد سنة ، فقال القاضي حسين والبغوي : هو مؤل ، وقال الشيخ أبو محمد والإمام : هو على الخلاف فيما إذا قال : إن أصبتك ، فوالله لا أصبتك ، فيكون الراجح أنه لا يكون مؤليا في الحال ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، وهذا أوجه .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية