الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2000 ) مسألة : قال أبو القاسم ، رحمه الله : ( وإذا مضى من شعبان تسعة وعشرون يوما ، طلبوا الهلال ، فإن كانت السماء مصحية لم يصوموا ذلك اليوم ) وجملة ذلك أنه يستحب للناس ترائي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان ، وتطلبه ليحتاطوا بذلك لصيامهم ، ويسلموا من الاختلاف . وقد روى الترمذي ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أحصوا هلال شعبان لرمضان } . فإذا رأوه وجب عليهم الصيام إجماعا ، وإن لم يروه وكانت السماء مصحية ، لم يكن لهم صيام ذلك اليوم ، إلا أن يوافق صوما كانوا يصومونه ، مثل من عادته صوم يوم وإفطار يوم ، أو صوم يوم الخميس ، أو صوم آخر يوم من الشهر ، وشبه ذلك إذا وافق صومه ، أو من صام قبل ذلك بأيام ، فلا بأس بصومه ; لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : لا يتقدمن أحدكم رمضان بصيام يوم أو يومين ، إلا أن يكون رجل كان يصوم صياما فليصمه } . متفق عليه .

                                                                                                                                            وقال عمار { : من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم } . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وكره أهل العلم صوم يوم الشك ، واستقبال رمضان باليوم واليومين ; لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه . وحكي عن القاسم بن محمد ، أنه سئل عن صيام آخر يوم من شعبان ، هل يكره ؟ قال : لا ، إلا أن يغمى الهلال .

                                                                                                                                            واتباع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى . فأما استقبال الشهر بأكثر من يومين فغير مكروه ، فإن مفهوم حديث أبي هريرة أنه غير مكروه ; لتخصيصه النهي باليوم واليومين . وقد روى العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : إذا كان النصف من شعبان ، فأمسكوا عن الصيام ، حتى يكون رمضان } . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . إلا أن أحمد قال : ليس هو بمحفوظ . قال : وسألنا عنه عبد الرحمن بن مهدي ، فلم يصححه ، ولم يحدثني به ، وكان يتوقاه . قال أحمد : والعلاء ثقة لا ينكر من حديثه إلا هذا ; لأنه خلاف ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصل شعبان برمضان . ويحمل هذا الحديث على نفي استحباب الصيام في حق من [ ص: 5 ] لم يصم قبل نصف الشهر ، وحديث عائشة في صلة شعبان برمضان في حق من صام الشهر كله ، فإنه قد جاء ذلك في سياق الخبر ، فلا تعارض بين الخبرين إذا ، وهذا أولى من حملهما على التعارض ، ورد أحدهما بصاحبه ، والله أعلم

                                                                                                                                            وفي كلام الخرقي اختصار وتقديره : طلبوا الهلال ، فإن رأوه صاموا ، وإن لم يروه وكانت السماء مصحية لم يصوموا . فحذف بعض الكلام للعلم به اختصارا . ( 2001 )

                                                                                                                                            فصل : ويستحب لمن رأى الهلال أن يقول ما روى ابن عمر ، قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال : الله أكبر ، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، والتوفيق لما تحب وترضى ، ربي وربك الله . } رواه الأثرم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية