الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                685 وحدثني علي بن خشرم أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة أن الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر قال الزهري فقلت لعروة ما بال عائشة تتم في السفر قال إنها تأولت كما تأول عثمان

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( فقلت لعروة : ما بال عائشة تتم في السفر ؟ فقال : إنها تأولت كما تأول عثمان ) اختلف العلماء في تأويلهما . فالصحيح الذي عليه المحققون أنهما رأيا القصر جائزا والإتمام جائزا فأخذا بأحد الجائزين ، وهو الإتمام . وقيل : لأن عثمان إمام المؤمنين وعائشة أمهم فكأنهما في منازلهما ، وأبطله المحققون بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أولى بذلك منهما ، وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، وقيل : لأن عثمان تأهل بمكة . وأبطلوه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سافر بأزواجه وقصر ، وقيل : فعل ذلك من أجل الأعراب الذين حضروا معه لئلا يظنوا أن فرض الصلاة ركعتان أبدا حضرا وسفرا ، وأبطلوه بأن هذا المعنى كان موجودا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل اشتهر أمر الصلاة في زمن عثمان أكثر مما كان . وقيل : لأن عثمان نوى الإقامة بمكة بعد الحج . وأبطلوه بأن الإقامة بمكة حرام على المهاجر فوق ثلاث .

                                                                                                                وقيل : كان لعثمان أرض بمنى ، وأبطلوه بأن ذلك لا يقتضي الإتمام والإقامة . والصواب الأول ، ثم مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والجمهور : أنه لا يجوز القصر في كل سفر مباح . وشرط بعض السلف كونه سفر خوف ، وبعضهم كونه سفر حج أو عمرة أو غزو ، وبعضهم كونه سفر طاعة . قال الشافعي ومالك وأحمد والأكثرون : ولا يجوز في سفر المعصية ، وجوزه أبو حنيفة والثوري ثم قال الشافعي ومالك وأصحابهما والليث والأوزاعي وفقهاء أصحاب الحديث وغيرهم : ولا يجوز القصر إلا في مسيرة مرحلتين قاصدتين وهي ثمانية وأربعون ميلا هاشمية ، والميل : ست آلاف ذراع ، والذراع أربع وعشرون إصبعا معترضة معتدلة ، والإصبع : ست شعيرات معترضات معتدلات . وقال أبو حنيفة والكوفيون : لا يقصر في أقل من ثلاث مراحل . وروي عن عثمان وابن مسعود وحذيفة ، وقال داود وأهل الظاهر : يجوز في السفر الطويل والقصير ، حتى لو كان ثلاثة أميال قصر .




                                                                                                                الخدمات العلمية