الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                مسألة

                                                                                                                في " الصحاح " قال عليه السلام : " إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء " ، وفي " الموطأ " : كانت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما إذا أوتيت بامرأة قد حمت صبت الماء بينها وبين جيبها ، قال العلماء هذا الحديث يحمل على معنيين : أحدهما : أن يكون المراد به شرب الماء ، فقد ذكر فضلاء الأطباء أن الماء العذب البارد من أحسن الأشربة البسيطة ، وأن شربه يمنع عادية الحميات الحادة ، ويسكن لهب الصفراء وحر العفونة ، ويرطب ما جف من رطوبة الجسد ، وييبس الصفراء وحرارة الحميات ، وهو سريع الانحدار خفيف على العليل ، وثانيهما : أن يحمل على الحمى الحادثة عن سوء مزاج حار عن مادة ، فإذا حم بالماء من خارج برد مزاجه ، واعتدل فتزول الحمى ، قال في " القبس " : أو يحمل على غسل الأطراف فقط ، فإنه ينعش القوة وينهض النفس من غير استصحاب ، وأما الحمى الكائنة عن المواد العفينة متى حم صاحبها استصحب الجسد ، واحتقنت الأبخرة في باطن الجسد ، فكان ذلك سببا لتهييج المواد ، وإحداث الحميات ، وربما قتل ، وقد وقع كثيرا للمحمومين حموا فماتوا ، وكذلك كل حديث ورد في الطب إنما يحمل على ما يليق به من الأمراض والأحوال .

                                                                                                                [ ص: 310 ] مسألة

                                                                                                                قال الباجي ، قال مطرف : إن كان المرضى كالمجذومين ، ونحوهم ، مرضهم يسير لا يخرجون من القرى ، والحواضر ، وإن كثر اتخذوا لأنفسهم موضعا كما صنع مرضى مكة عند التنعيم منزلتهم ، ولا يمنعون من الأسواق لحاجاتهم ، والتطوف للمسألة إذا لم يرزقوا من بيت المال ، وقال أصبغ : يخرجون من الحواضر ، وإذا أجري عليهم من بيت المال ما يكفيهم ألزموا بيوتهم ، أو التنحي إن شاءوا ، قالابن حبيب : التنحي إذا كثروا أعجب إلي ، وهو الذي عليه الناس ، ويمنع المجذوم من المسجد ومن الجمعة .

                                                                                                                مسألة

                                                                                                                قال صاحب " القبس " : التطبب قبل نزول الداء مكروه عند أصحابنا ، وقال بعض العلماء : هو جائز لحفظ الصحة صونا للجسم على العبادة ، قال : وأرى إن خشي نزوله جاز .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية