الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 206 ] فرع

                                                                                                                                                                        لو دبر الحمل وحده ، جاز كما لو أعتقه ، ولا يتعدى إلى الأم ، فإذا مات السيد ، عتق الحمل دون الأم ، فإن باع الأم ، فوجهان . أحدهما : أنه إن قصد به الرجوع ، حصل الرجوع ، وصح البيع في الأم والحمل ، وإن لم يقصد ، لم يحصل الرجوع ، فلا يصح البيع في الولد ، ويبطل في الأم على الأصح ، كما لو باع حاملا بحر . وأصحهما : صحة البيع فيهما ، وحصول الرجوع قصد أم لا ، كما لو باع المدبر ناسيا للتدبير ، صح البيع والرجوع .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو دبر أمة ، وقلنا : ولد المدبرة مدبر ، وجوزنا الرجوع عن التدبير باللفظ ، فقال : إذا ولدت ، أو كلما ولدت ولدا فقد رجعت في تدبيره ، لم يصح الرجوع ، فإذا ولدت ، كان مدبرا حتى يرجع بعد الولادة ; لأن الرجوع لا يصح إلا بعد ثبوت التدبير ، ولا يثبت للولد قبل الولادة ، فصار كما لو قال : إذا دبرتك فقد رجعت عن تدبيرك ، فلا يصح الرجوع .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا قلنا : ولد المدبرة مدبر ، وتنازع السيد والمدبرة فيه ، فقال السيد : ولدته قبل التدبير ، فهو قن ، وقالت : بعده ، صدق السيد بيمينه . ولو جرى هذا الخلاف مع الوارث بعد موت السيد ، صدق الوارث أيضا . قال البغوي : وتسمع دعواها حسبة ، حتى لو كانت قنة ، وادعت على السيد أنك دبرت ولدي ، سمعت . ولو قالت : ولدته بعد موت السيد ، فهو حر ، وقال الوارث : بل قبل التدبير ، صدق الوارث على الصحيح . وقيل : تصدق هي ; لأنها لم تعترف للورثة بيد ولا ملك ، ولو كان في يد المدبر مال ، وقال : كسبته بعد موت السيد ، [ ص: 207 ] فهو لي ، وقال الوارث : بل قبله فهو لي ، صدق المدبر بيمينه ; لأن اليد له ، بخلاف دعواها الولد ; لأنها تزعم أنه حر ، والحر لا يدخل تحت اليد . ولو أقام كل واحد بينة بدعواه ، رجحت بينة المدبر ، لاعتضادها باليد . ولو أقام الوارث بينة أن هذا المال كان في يد المدبر في حياة السيد ، فقال المدبر : كان في يدي ، لكن كان لفلان فملكته بعد موت السيد ، صدق المدبر أيضا ، نص عليه .

                                                                                                                                                                        ولو تنازع السيد والمستولدة في ولدها ، هل ولدته قبل الاستيلاد أم بعده ، أو الوارث والمستولدة ، هل ولدته قبل موت السيد ، أم بعده ، فهو على ما ذكرنا في تنازع السيد والمدبرة ، فإذا قلنا بسراية الكتابة إلى الولد ، فقالت المكاتبة : ولدته بعد الكتابة ، وقال السيد : بل قبلها ، صدق السيد أيضا على الأصح ، وقيل : بل المكاتبة : لأنها يثبت لها اليد على نفسها وولدها . ولو اختلف السيد والمكاتب في المال ، صدق المكاتب كالمدبر .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        دبر عبدا ثم ملكه أمة ، فوطئها وأولدها ، فإن قلنا : العبد لا يملك بالتمليك ، فالولد للسيد ويثبت نسبه من العبد ، ولا حد عليه للشبهة ، نص عليه . وإن قلنا : يملك بالتمليك فالجارية للمدبر ، ولا يحكم للولد بحرية ; لأنه حصل من رقيقين . وهل يتبع الأم ، ويكون رقيقا للسيد ، أم يتبع الأب ، فيكون مدبرا ؟

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        أمة لرجلين دبراها ، فأتت بولد ، فادعاه أحدهما ، فهو ابنه ، ويضمن نصف قيمتها ونصف قيمته ، ونصف مهرها لشريكه ، وأخذ [ ص: 208 ] قيمتها يكون رجوعا في التدبير . وقال القاضي أبو الطيب : عندي أنه لا يقوم نصيب الشريك إلا برضاه ; لأنه ثبت له حق الولاء فيه .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قول المدبر في حياة السيد وبعد موته : رددت التدبير - لغو ، لا يقدح فيه ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية