الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال : الدرجة الثالثة : صيانة الانبساط أن تشوبه جرأة . وصيانة السرور أن يداخله أمن . وصيانة الشهود أن يعارضه سبب .

لما كانت هذه الدرجة عنده مختصة بأهل المشاهدة - والغالب عليهم الانبساط والسرور - فإن صاحبها متعلق باسمه الباسط ، حذره من شائبة الجرأة . وهي ما يخرجه عن أدب العبودية ، ويدخله في الشطح . كشطح من قال : سبحاني ، ونحو ذلك من الشطحات المعروفة المخرجة عن أدب العبودية التي نهاية صاحبها أن يعذر بزوال عقله ، وغلبة سكر الحال عليه . فلا بد من مقارنة التعظيم والإجلال ، لبسط المشاهدة ، وإلا وقع في الجرأة ولا بد . فالمراقبة تصونه عن ذلك .

قوله : وصيانة السرور أن يداخله أمن .

يعني أن صاحب الانبساط والمشاهدة يداخله سرور لا يشبهه سرور البتة . فينبغي [ ص: 88 ] له أن لا يأمن في هذا الحال المكر ، بل يصون سروره وفرحه عن خطفات المكر بخوف العاقبة ، المطوي عنه علم غيبها . ولا يغتر .

وأما صيانة الشهود أن يعارضه سبب ، فيريد أن صاحب الشهود قد يكون ضعيفا في شهود حقيقة التوحيد . فيتوهم أنه قد حصل له ما حصل بسبب الاجتهاد التام ، والعبادة الخالصة . فينسب حصول ما حصل له من الشهود إلى سبب منه . وذلك نقص في توحيده ومعرفته ؛ لأن الشهود لا يكون إلا موهبة ، ليس هو كسبيا . ولو كان كسبيا فشهود سببه نقص في التوحيد ، وغيبة عن شهود الحقيقة .

ويحتمل أن يريد بالسبب المعارض للشهود ورود خاطر على الشاهد ، يكدر عليه صفو شهوده . فيصونه عن ورود سبب يعارضه إما معارض إرادة ، أو معارض شبهة . وقد يعم كلامه الأمرين . والله سبحانه أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية