الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( كرضاه بمخالفته في سلم إن دفع الثمن بمسماه )

                                                                                                                            ش : الباء في بمسماه بمعنى في ، أي ومنع رضاه في السلم بمخالفته في الثمن الذي سماه ، فالمخالفة هنا في المسمى ، وفي المسألة الأولى في النوع أو الجنس ، وقد جمعهما في المدونة ، فقال في السلم الثاني وإن وقعت إليه دراهم ليسلمها لك في ثوب هروي فأسلمها في بساط شعر أو ليشتري لك بها ثوبا فأسلمها لك في طعام أو في غير ما أمرته به أو زاد في الثمن ما لا يزاد على مثله ، فليس لك أن تجيز فعله وتطالب بما أسلم فيه من عرض أو طعام أو ترفع إليه ما زاد ; لأن الدراهم لما تعدى عليها المأمور وجبت عليه دينا ففسختها فيما لا تتعجله ، وذلك دين بدين ، ويدخل في أخذك للطعام الذي أسلم فيه أيضا مع ما ذكرنا بيعه قبل قبضه لا شك فيه ; لأن الطعام قد وجب للمأمور بالتعدي ، فليس له بيعه حتى يقبضه ، وسلم المأمور لازم له ، ولا له ولا لك فسخه ، ولا شيء لك أنت على البائع ، وإنما لك على المأمور ما دفعت إليه من الثمن ولو لم تدفع إليه الثمن وأمرته أن يسلم لك من عنده في قمح أو في جارية أو في ثوب ولم تصفها له فإن أسلم في غير ما أمرته به من طعام أو فيما لا يشترى لمثلك من جارية أو ثوب ، فلك أن تتركه ولا يلزمك الثمن أو ترضى به ويدفع إليك الثمن ; لأنك لم يجب لك عليه دين ففسخته وكأنه ولاك ، ولا يجوز ههنا أن يؤخرك بالثمن وإن تراضيتما بذلك ; لأنه لم يلزمك ما أسلم فيه إلا برضاك ، فكأنه بيع مؤتنف لدين له وتولية فتأخير الثمن فيه دين بدين انتهى ، وتفريق المصنف لذلك مشوش ، فلو جمعهما كما في المدونة ، واستغنى بقوله أولا والرضا بمخالفته في سلم إلى آخره لكان أحسن ; لأن المخالفة تشمل جميع ذلك والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية