الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وإن استلحق ولدا ، ثم أنكره ، ثم مات الولد ، فلا يرثه ووقف ماله )

                                                                                                                            ش : هكذا قال في رسم يوصى من سماع عيسى من كتاب الاستلحاق وقال ابن رشد : وفي قوله ، ووقف نظر والواجب أن يكون جميع ميراثه لجماعة المسلمين ; لأنه مقر أن هذا المال لهم لا حق له معهم فيه ; وهم لا يكذبونه فلا معنى لتوقيفه إذ لا يصح أن يقبل رجوعه فيه بعد موته برجوعه إلى استلحاق ابنه ; لأنه قد ثبت لجماعة المسلمين ثبوته على إنكاره إلى أن مات ( تنبيه ) : فإن مات الأب المستلحق قبل الابن ورثه الابن بالإقرار الأول ، والاستلحاق الذي سبق ، ولا يسقط نسبه بإنكاره بعد استلحاقه ، ثم إن مات الابن بعد ذلك ورثه عصبته من قبل أبيه المستلحق له قاله ابن رشد في الرسم المذكور وابن بطال في مقنعه ونص ابن بطال : وإن مات المستلحق الأب قبل المستلحق ، وورثه بالإقرار الأول والاستلحاق الذي سبق ، ولا يلتفت إلى إنكاره بعد الاستلحاق انتهى .

                                                                                                                            وقوله المستلحق الأب لو قدم الأب ، فقال الأب المستلحق لكان أوضح .

                                                                                                                            ( فرع ) : قال في المقنع : وإن استلحق الرجل رجلا لحق به نسبا أولاد المستلحق ، ومن نفى ولده ، ثم استلحقه ثبت نسبه منه انتهى .

                                                                                                                            ( فائدتان الأولى ) : يجتمع لحوق الولد والحر في خمس مسائل إحداها : الرجل تكون عنده الأمة ، فتلد منه ، فيقر بعد الولادة أنه غصبها ، فيلحق به الولد ; لأنه يتهم على قطع نسبه ويلزمه الحد ، الثانية : من اشترى أمة فولدت ، ثم استحقت بحرية ، فذكر أنه علم أنها كانت حرة ووطئها بعد ذلك ، فيحد ، ويلحق به الولد الثالثة من اشترى جاريتين على أن له الخيار في إحداهما ، فأقر أنه اختار واحدة ، ثم وطئ الأخرى ، فإنه يحد ، ويلحق به الولد الرابعة : من اشترى جارية ، ووطئها فخاصمه ربها ، فقال ادفع ثمن جاريتي التي بعت منك ، فيقول الواطئ إنما تركتها عندي أمانة وديعة ، فإنه يحد ، ويلحق به الولد الخامسة الرجل يتزوج بأم امرأته عالما بذلك ، فتلد منه ، فإنه يحد ، ويلحق به الولد انتهى من معين الحكام . [ ص: 250 ] وذكرها في التوضيح في كتاب الاستلحاق عند قول ابن الحاجب ، ويحد الواطئ العالم والولد رقيق ، ولا نسب له .

                                                                                                                            وقال بعدها : وليس ذكر هذه المسائل على سبيل الحصر بل الضابط أن كل حد يثبت بالإقرار ، ويسقط بالرجوع عنه ، فالنسب ثابت منه ، وكل حد لازم بالرجوع عنه فالنسب معه غير ثابت انتهى . وهذه الزيادة أصلها لابن رشد في نوازله ذكر هذه المسائل الخمس في المسائل المتعلقة بالنكاح ، ثم ذكر بعدها ما تقدم ، ونقل الشيخ أبو الحسن كلامه في الرجم وأشار إليه في كتاب القذف ، وذكره أيضا مختصرا في أمهات الأولاد ، وزاد بعده ما نصه الشيخ في محل الملك والنكاح وهو سياق كلامه انتهى ، وزاد أيضا هذا الكلام في كتاب الرجم ، وعدها في المسائل الملقوطة ثمانية ناقلا لها عن ابن عبد السلام منها الخمس المذكورة والسادسة الرجل يشتري جارية فيولدها ، ثم يقر أنها ممن تعتق عليه ، وأنه عالم بذلك وقت الشراء ، ووقت الوطء .

                                                                                                                            السابعة : الرجل يتزوج المرأة فتلد منه ، ثم يقر أنه كان طلقها ثلاثا ، وارتجعها قبل أن تتزوج ، وهو عالم بأن ذلك لا يحل الثامنة : الرجل يتزوج المرأة فيولدها ، ثم يقر أن له أربع نسوة سواها ، وأنه تزوجها ، وهو يعلم أن نكاح الخامسة حرام انتهى . وقال في المسألة الخامسة : وهي الرجل يتزوج أم امرأته عالما بذلك ، فتلد منه قال ابن عبد السلام : وهذا إنما يصح عندي إذا لم يعلم منه أنه عالم بالتحريم إلا بعد تزويجها ، وأما لو علم منه أنه عالم بالتحريم قبل نكاحه إياها ، فهو زنا محض لا يلحق معه الولد انتهى . وذكر في الذخيرة منها ست مسائل : ناقلا لها عن عبد الحق عد الثانية والثالثة والخامسة والثامنة والسادسة التي ذكرها عكس الرابعة ، وهو أن يقول اشتريتها ، والسيد منكر ، ولا بينة قال : فيحد هو والجارية إن أقام السيد على إنكاره وعبر عن المسألة الخامسة بأن يتزوجها ويقر أنه أولدها عالما أنها ذات محرم بنسب أو رضاع أو صهر ( الفائدة الثانية ) : قال السهيلي في شرح السيرة في حديث الإسراء ومروره على النساء اللاتي أدخلن على الرجال ما ليس منهم من الأولاد ، فإن بلغ الصبي وتابت أمه فأعلمته أنه لغير رشدة ليستعفف عن ميراثهم ويكف عن الاطلاع على عوراتهم أو علم ذلك بقرينة حال وجب عليه ذلك ، وإلا كان شر الثلاثة كما في الحديث في ابن الزنا أنه شر الثلاثة ، وقد يؤول على وجوه هذا أقربها إلى الصواب انتهى . وقيل في تأويله أي إذا عمل بعمل أبويه وفي آخر باب الزنا من النوادر عن كتاب ابن حبيب قال الشعبي : ولد الزنا خير الثلاثة إذا اتقى الله قيل له فقد قيل إنه شر الثلاثة قال هذا شيء قاله كعب لو كان شر الثلاثة لم ينتظر بأمه ولادته ، وكذلك قال ابن عباس وقال ابن مسعود إنما قيل شرهم في الدنيا ، ولو كان شرهم عند الله ما انتظر بأمه أن تضع وقال عمر بن الخطاب : أكرموا ولد الزنا وأحسنوا إليه وقال ابن عباس : هو عبد من عبيد الله إن أحسن جوزي وإن أساء عوقب وقال عمر : أعتقوا أولاد الزنا ، وأحسنوا إليهم ، واستوصوا بهم ا هـ . وانظر حاشيتي على مناسك الشيخ خليل عند قوله ولا بأس أن يحج بثمن ولد الزنا

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية