الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال : الدرجة الثالثة : الإحسان في الوقت . وهو أن لا تزايل المشاهدة أبدا . ولا تخلط بهمتك أحدا . وتجعل هجرتك إلى الحق سرمدا .

أي لا تفارق حال الشهود . وهذا إنما يقدر عليه أهل التمكن الذين ظفروا بنفوسهم وقطعوا المسافات التي بين النفس وبين القلب . والمسافات التي بين القلب وبين الله ، بمجاهدة القطاع التي على تلك المسافات .

قوله : ولا تخلط بهمتك أحدا .

يعني : أن تعلق همتك بالحق وحده . ولا تعلق همتك بأحد غيره . فإن ذلك شرك في طريق الصادقين .

قوله : وأن تجعل هجرتك إلى الحق سرمدا .

يعني : أن كل متوجه إلى الله بالصدق والإخلاص ، فإنه من المهاجرين إليه . فلا ينبغي أن يتخلف عن هذه الهجرة ، بل ينبغي أن يصحبها سرمدا . حتى يلحق بالله عز وجل .


فما هي إلا ساعة . ثم تنقضي ويحمد غب السير من هو سائر

ولله على كل قلب هجرتان . وهما فرض لازم له على الأنفاس :

هجرة إلى الله سبحانه بالتوحيد والإخلاص ، والإنابة والحب ، والخوف والرجاء والعبودية .

[ ص: 434 ] وهجرة إلى رسوله صلى الله عليه وسلم : بالتحكيم له والتسليم والتفويض ، والانقياد لحكمه ، وتلقي أحكام الظاهر والباطن من مشكاته . فيكون تعبده به أعظم من تعبد الركب بالدليل الماهر في ظلم الليل ، ومتاهات الطريق .

فما لم يكن لقلبه هاتان الهجرتان فليحث على رأسه الرماد . وليراجع الإيمان من أصله . فيرجع وراءه ليقتبس نورا ، قبل أن يحال بينه وبينه ، ويقال له ذلك على الصراط من وراء السور . والله المستعان .

التالي السابق


الخدمات العلمية