الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال : وهي على ثلاث درجات الدرجة الأولى : همة تصون القلب عن وحشة الرغبة في الفاني ، وتحمله على الرغبة في الباقي ، وتصفيه من كدر التواني .

الفاني الدنيا وما عليها . أي يزهد القلب فيها وفي أهلها . وسمى الرغبة فيها وحشة لأنها وأهلها توحش قلوب الراغبين فيها ، وقلوب الزاهدين فيها .

أما الراغبون فيها : فأرواحهم وقلوبهم في وحشة من أجسامهم . إذ فاتها ما خلقت له . فهي في وحشة لفواته .

وأما الزاهدون فيها : فإنهم يرونها موحشة لهم . لأنها تحول بينهم وبين مطلوبهم ومحبوبهم . ولا شيء أوحش عند القلب مما يحول بينه وبين مطلوبه ومحبوبه . ولذلك كان من نازع الناس أموالهم ، وطلبها منهم أوحش شيء إليهم وأبغضه .

وأيضا : فالزاهدون فيها : إنما ينظرون إليها بالبصائر . والراغبون ينظرون إليها بالأبصار فيستوحش الزاهد مما يأنس به الراغب . كما قيل :


وإذا أفاق القلب واندمل الهوى رأت القلوب ولم تر الأبصار

وكذلك هذه الهمة تحمله على الرغبة في الباقي لذاته . وهو الحق سبحانه . والباقي بإبقائه : هو الدار الآخرة .

[ ص: 7 ] وتصفيه من كدر التواني أي تخلصه وتمحصه من أوساخ الفتور والتواني ، الذي هو سبب الإضاعة والتفريط . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية